ماذا حدث في 26 أبريل عام 1986 في تشيرنوبيل ؟
في 25 أبريل عام 1986 حدث خطأ فادح في اختبار تجريبي للسلامة في محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية في مدينة بريبيات شمال أوكرانيا
ونظراً لبعض العيوب في التصميم والأنظمة السيئة في التنفيذ أُغلقت توربينات المياه المستخدمة في تبريد اليورانيوم في المحطة النووية فارتفعت درجة حرارة اليورانيوم حتى الاشتعال مما أدى لانفجار بخاري هائل دفع كتلاً من المواد المشعة إلى الغلاف الجوي.
تم إجلاء السكان من المدينة حينها ولم يتبقى في المنطقة المنكوبة إلا أن الحيوانات التي تعيش بالقرب من المفاعل والتي سمحت فيما بعد للعلماء بدراسة آثار الإشعاعات النووية عليها.
بدأ العلماء بدراسة تأثيرات الإشعاع النووي على كل الكائنات الحيّة بما فيها الحيوانات البرية والحيوانات التي تم تركها في المنطقة
وعلى الرغم من أن كارثة مفاعل تشرنوبيل لا يمكن مقارنتها بتأثيرات القنبلة النووية من حيث النظائر المشعّة
لأن النظائر التي يطلقها المفاعل النووي تختلف عن تلك التي تنتجها القنبلة النووية ، إلا أن كلاً من المفاعلات والقنابل يسببان طفرات وراثية وسرطانات.
كيف تكون النظائر المشعة سبباً بحدوث الطفرات الوراثية ؟
إن النظائر المشعة والطفرات ترتبطان جداً، حيث أن الطاقة المشعّة من النظائر المشعة قد تسبب تلف أو كسر جزيئات الحمض النووي DNA
فإذا كان الضرر كبيراً بما يكفي فإن الخلايا تفقد قدرتها على الإنقسام و يمكن أن يسبب موت الكائن الحيّ.
وأحياناً لا يمكن ترميم الحمض النووي DNA مما يؤدي إلى حدوث طفرة وراثية، وقد يؤدي تضرّر الحمض النووي إلى تحولّه لأورام وقد يؤثر على القدرة الإنجابية
و إذا حدثت الطفرة الوراثية في خلايا الأمشاج التي تلزم في التكاثر فإنها يمكن أن تؤدي إلى إنجاب جنين عقيم أو مشوّه خلقياً.
تتغير أنواع النظائر المشعة المحيطة بتشيرنوبيل من وقت لأخر حيث تتأثر العناصر الكيميائية بالإشعاعات.
تعتبر نظائر السيسيوم 137 و اليود 131 نظائر متراكمة في السلسلة الغذائية وتنتج معظم الإصابات التي يتعرض لها الناس والحيوانات في المنطقة.
أهم الأمثلة على التشوهات الجينية الناتجة عن التأثير الإشعاعي النووي
لاحظ المزارعون ازدياد التشوهات الوراثية بشكل واضح في حيوانات المزرعة بعد كارثة تشرنوبل تماماً.
و بين عامي 1989 و 1990 عادت التشوهات الجينية للازدياد مرة أخرى وقد يفسّر ذلك نتيجةً للإشعاع النافذ من الغلاف الخرساني المحيط بالمفاعل الذي شُيّد لعزل المفاعل النووي عن المنطقة.
و تشير الإحصائيات البحثية إلى ولادة 400 حيوان مشّوه جينياً في عام 1990 ومعظمها كان شديداً للحدّ الذي لم يسمح للحيوان بالعيش أكثر من بضع ساعات .
وقد تمثلت التشوهات الجينية بتشوهات الوجه الحادّة والزوائد اللحمية الضخمة والتلون غير الطبيعي للحيوان وصغر حجمه.
أكثر الحيوانات تأثراً بالإشعاع هي الأبقار الحلوب والخنازير كما لوحظ أن الحليب المنتج من أبقار معرضة للإشعاع كان أيضاً حليباً مشّعاً.
ما تأثير كارثة تشيرنوبيل على الحيوانات البرية والحشرات والنباتات الحيّة المحيطة في منطقة المفاعل ؟
ساءت صحة الحيوانات وانخفض تكاثرها بالقرب من تشيرنوبيل لمدة لا تقل عن الستة أشهر الأولى من وقوع الكارثة.
بعد مرور سنوات على الكارثة بدأت النباتات والحشرات والحيوانات البرية بالعودة إلى المنطقة تدريجياً
تمكّن العلماء من جمع المعلومات عنها عن طريق أخذ عينات الروث المشع وعينات التربة و تتبع الحيوانات باستخدام مصائد الكاميرا.
تشكّل المنطقة المحظورة أجزاء من غرب الاتحاد السوفياتي وأوروبا وهي المنطقة المحيطة بالانفجار مباشرة وقد تم تطويقها بمسافة قطرها 30 كم.
على الرغم من مستويات الإشعاع المرتفعة جداً فيها إلا أن المنطقة تعدّ ملاذ للحياة البرية المشعة.
الحيوانات البرية فيها مشعّة لأنها تأكل الطعام المشعّ وقد تكون عقيمة أو قليلة الإنجاب والمواليد غالباً مشوّهة جينياً بسبب الاشعاعات.
وأشهر أمثلة الحيوانات التي يمكن مشاهدتها داخل المنطقة الخيول والذئاب والغرير والبجع والسلاحف والغزلان والثعالب والقنادس والخنازير والأرانب ، والنسور والقوارض واللقالق والخفافيش البوم.
وقد لوحظ انخفاض حاد بأعداد الكائنات اللافقارية (بما فيها النحل والفراشات والعناكب والجنادب )
ويعود ذلك إلى أن هذه الحيوانات تضع بيوضها في الطبقة العليا من التربة والتي تحتوي على مستويات عالية جداً من الإشعاع.
استقرت النويات المشعّة في الماء خاصةً البحيرات لذلك تواجه الكائنات المائية حتى الأن حالة من عدم الاستقرار الوراثي لها
وتشمل الأنواع المتضررة الضفادع والأسماك والقشريات ويرقات الحشرات.
ولأن الطيور تحوم فوق المنطقة المحظورة فهي أمثلة شائعة على الحيوانات التي لا تزال تعاني من التشوهات الجينية الناتجة عن الإشعاع.
حيث أشارت دراسة أجريت على طيور السنونو بين عامي 1991 – 2006 إلى ازدياد التشوهات الجينية لهذه العينة مقارنة بالطيور التي تعيش في مناطق أكثر أمناً.
وقد شملت هذه التشوهات، صغر حجم الدماغ وتشوهات المناقير والتهابات الريش وريش ذيل منحني وحويصلات هوائية مشوهة
اضافة لانخفاض القدرة الانجابية لها نتيجة عدم تماثل الحيوانات المنوية.
كلاب تشيرنوبيل
عندما تم إخلاء منطقة تشيرنوبل قام العديد من السكانب بترك العديد من كلابهم الأليفة وبشكل طبيعي ازدادت أعدادها ويوجد الآن حوالي 900 كلب ضال يعيش في المنطقة.
يستخدم الأطباء البيطريون وخبراء الإشعاع حالياً الكلاب كمؤشر لتحديد مستويات الإشعاع للمنطقة.
يتم اصطياد الكلاب الضالة ومن ثم تزويدها بأطواق كاشفة ثم تُستخدم هذه البيانات لرسم خريطة لتأثيرات الاشعاعية على المنطقة.
ينصح زائرو المنطقة دوماً بتجنب الاقتراب من الكلاب للحدّ من التعرض للإشعاعات النووية.
المصدر: اضغط هنا
- إعداد: المهندسة ساره السلوم
- تحرير: المهندس بشار الحجي