Open Hours of Mon - fri: 8am - 6pm, UAE
الطابعة

المهندسون يتمكنون من إنشاء الطابعة رباعية الأبعاد !

قد تبدو الطباعة الرباعية الأبعاد وكأنها شيء خيالي بعيد عن الواقع، لكن من المتوقع أنه سيتم استثمار 300 مليون دولار في الطباعة رباعية الأبعاد بحلول عام 2023

على الرغم من أن هذه التكنولوجيا لاتزال بعيدة جداً لتكون متاحة تجارياُ.

إذاً ما هي الطباعة الرباعية الأبعاد بالضبط وكيف يمكن أن تفيد الشركات المُصنعة ؟

لذا سنتعرف في هذا المقال عن كيفية عمل الطباعة رباعية الأبعاد، بالإضافة إلى التطبيقات الحالية والمستقبلية.

ماهي الطباعة رباعية الأبعاد

تمنح الطباعة رباعية الأبعاد الكائنات المطبوعة ثلاثية الأبعاد القدرة على تغيير شكلها بمرور الوقت، وبالتالي يشير المصطلح ” رباعية الأبعاد ” إلى هذا البعد الرابع الإضافي وهو الوقت.

وتجمع التكنولوجيا الناشئة هذه بين تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، وعلوم المواد عالية المستوى والهندسة والبرمجيات.

فالمواد تلعب دوراً مهماً في الطباعة رباعية الأبعاد، حيث تستخدم هذه التقنية مواداً مصممة خصيصاً للتفاعل مع منبه معين.

وتتعدّد المنبهات الشائعة التي يمكن أن تتسبّب في تحول الكائنات المصنَّعَة لتشمل؛ التغيرات في درجة الحرارة، والضوء والماء والمجالات المغناطيسية

بالإضافة إلى العوامل الكيميائية والعوامل البيئية الأخرى.

كما ويتمثل مبدأ عمل هذه التقنية؛ أنه عندما يتم إثارة الكائنات المطبوعة الرباعية الأبعاد بواسطة منبه خارجي، يمكنها عندئذْ أن تطوي أو تتكشف في أشكال محددة مسبقاً

مما يفتح الباب أمام مجموعة من التطبيقات المثيرة التي سنكتشفها لاحقاً في هذا المقال.

بماذا تختلف الطباعة رباعية الأبعاد عن الطباعة ثلاثية الأبعاد

تتجلى الطباعة ثلاثية الأبعاد في كونها تقنية لتصنيع النماذج الأولية السريعة التي تودع طبقة مادة بطبقة أخرى لإنشاء كائنات ثلاثية الأبعاد.

كذلك الطباعة الرباعية الأبعاد تستخدم في الأساس نفس مبادئ الطباعة ثلاثية الأبعاد لإنشاء الأجزاء، إلّا أن الاختلاف الرئيسي بينهما يتمثل في أن الكائنات المطبوعة رباعية الأبعاد تغير شكلها بمرور الوقت بمجرد طباعتها، بينما يحتفظ الكائن المطبوع ثلاثي الأبعاد بشكله الثابت نفسه.

ويعود السبب في هذا الاختلاف بيت التقنيتين، إلى أنه أثناء عملية الطباعة الرباعية الأبعاد يتم إضافة شيفرة هندسية تحتوي على “تعليمات” حول كيفية تحرك الشكل أو تغييره بمجرد إثارته بواسطة منبه معين.

وبالتالي تتيح خطوة البرمجة المسبقة هذه إمكانية إنشاء كائنات ذكية سريعة الاستجابة ويمكنها التكيف مع عوامل بيئية محددة.

Image credit: Self-Assembly Lab

كيف تعمل تقنية الطباعة الرباعية الأبعاد

يتطلب التعامل مع الطباعة رباعية الأبعاد أولاً فهم كيفية تفاعل المادة مع حافز معين، وباستخدام هذه المعرفة بالسلوك المادي، يمكن للمهندسين تصميم كائن مع تغيرات مختلفة في هيكله المادي.

وبناءً على التصميم الرقمي بمساعدة الحاسب   CADيتم طباعة النموذج ثلاثي الأبعاد، باستخدام مادة واحدة أو مادة مركبة،

وبمجرد اكتمال عملية الطباعة، ستُحدّد الشيفرة الهندسية المبرمجة مسبقاً كيف يجب أن تتفاعل مناطق مختلفة من الكائن عند إثارته بمنبه معين.

وباستخدام هذه المنهجية في الطباعة، يمكن للمهندسين إنشاء مكونات تأخذ أشكالاً محددة مسبقاً أو تطوي وتتكشف بطرق معينة عند إثارتها بمنبه معين.

والجدير بالملاحظة، أنه يوجد العديد من تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد والتي  تكون مناسبة لمعالجة المواد القابلة للبرمجة أو ما يُعرف بالمواد الذكية.

مثال عليها ما يأتي:

  • الطباعة بالتّبلمر الضوئي (SLA): والتي يتم فيها طباعة مجسمات بشكل ثلاثي الأبعاد تمّ تصميمها باستخدام بوليمر غالباً الراتنج السائل والذي يتصلب عند تعرضه لأشعة ضوئية مركزة أو أشعة ليزر فوق بنفسجية.
  • تصنيع الخيوط المنصهرة (FFF): والمعروفة تجارياً بنمذجة الترسيب المنصهر (FDM)؛ والتي يتم فيها ترسيب مادة خام كالبلاستيك الحراري على شكل طبقات متراصة فوق بعضها لتصميم المجسم الذي سيُطبع بشكل ثلاثي الأبعاد.
  • الطباعة بطريقة نفث المواد.
  • الصهر الانتقائي بالليزر (SLM): وهي تقنية طباعة ثلاثية الأبعاد محددة حيث تستخدم ليزر عالي الكثافة لإذابة ودمج المواد المعدنية بشكل كامل لإنتاج أجزاء شبه صافية وبكثافة شبه كاملة.

 تعمل عادةً التقنيات الثلاثة الأولى مع المواد البوليميرية بينما تتعامل التقنية SLM مع المواد المعدنية.

ويُعزى التقدم الأخير في مجال الطباعة الرباعية الأبعاد إلى التقدم في تقنية نفث المواد والتي تتيح الطباعة المتعددة المواد.

حيث تعمل هذه التقنية عن طريق نفث قطرات من المواد مما يسمح بالتحكم في ترسبها بشكل مدروس.

ماهي المواد التي يمكن استخدامها في الطباعة الرباعية الأبعاد

تستخدم تقنية الطباعة رباعية الأبعاد مواد ” ذكية” مصممة خصيصاً لهذا الغرض. بحيث تتمتع بخاصية واحدة أو أكثر يمكن تغييرها بواسطة محفزات خارجية.

ونظراً لكون هذه التقنية لاتزال في مراحلها المبكرة لاتزال مجموعة المواد المستخدمة فيها محدودة إلى حد ما.

إلّا أن هذا المقال يتضمن بعضاً من المواد الواعدة التي يمكن استخدامها في الطباعة رباعية الأبعاد وهي كالتالي:

الهيدروجيلات (الهلاميات المائية):

وهي عبارة عن شبكة من السلاسل البوليميرية المحبة للماء، حيث يمكنها الاحتفاظ بكمية كبيرة من الماء.

وتستخدم الهلاميات المائية هذه في تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد القابلة للمعالجة بالأشعة فوق البنفسجية.

ويتم برمجتها لتغيير الشكل استجابة لتغيرات درجة الحرارة، نظراً لكون الماء المكوّنٍ الأساسي لها.

كما تُعتبر الهلاميات المائية متوافقة حيوياً مما يجعلها مناسبة تماماً للتطبيقات الطبية، وتُستَخدم أيضاً في تطبيقات أخرى على سبيل المثال، الروبوتات اللينة والالكترونيات المرنة.

وفي صدد هذا الموضوع، طور مهندسون من جامعة رونجرز العام الماضي طريقة الطباعة الرباعية الأبعاد لإنشاء هلام ذكي بالاعتماد على مادة الهيدروجيل

والتي بمجرد تعرضها لتغيرات في درجة الحرارة يتغير شكلها، ويُمكن لهذا الهلام أن يساعد في إنشاء بُنى حيوية تُستخدم في تصنيع الأنسجة والأعضاء.

وهذا التطور لا يعزز التطبيقات الطبية فحسب، بل يساهم أيضاً في تمكين تطبيقات جديدة في الروبوتات اللينة، بما في ذلك أجهزة الاستشعار والمحركات المرنة.

بوليميرات ذاكرة الشكل (SMPs):

وهي عبارة عن مواد بوليميرية ذكية لها القدرة على التحول من شكل مؤقت ثابت إلى شكلها الأصلي عند تعرضها لمحفز خارجي.

ونظراً لقدرتها على التشغيل النشط؛ أي القدرة على التحرك والتحكم في آلية أو نظام ما، تم استخدامها في تطبيقات مختلفة مثلاً في الفضاء والروبوتات اللينة وفي الطب الحيوي وفي مجالات أخرى.

 سبائك ذاكرة الشكل (SMAs):

وهي خليط من مواد معدنية ذكية، وعلى غرار البوليمرات ذاكرة الشكل SMPs، فهي تحتفظ بـ ” ذاكرة ” لشكلها الأصلي ولها القدرة على العودة من الشكل الُمعدّل إلى شكلها الأصلي عند تعريضها لمحفز معين.

وتُستخدم هذه السبائك في مجالات متعددة أيضاً مثلاً، في الفضاء والهندسة المدنية والطب الحيوي.

السيراميك:

أظهر فريق بحثي من جامعة مدينة هونج كونج العام الماضي، حبراً خزفياً جديداً، يجمع بين البوليميرات وجسيمات السيراميك النانوية.

ويمتاز هذا الحبر السيراميكي المطبوع ثلاثي الأبعاد الناعم بإمكانية شده ثلاث مرات أكثر من طوله الأولي.

ومن التطبيقات الواعدة لهذه المواد الأجهزة الإلكترونية وكذلك التطبيقات في صناعة الطيران.

تطبيقات مثيرة للطباعة رباعية الأبعاد

الطريقة التي تتبعها الطباعة الرباعية الأبعاد في تصنيع المنتجات اليوم تُعتبر مثيرة للغاية وتفتح الباب أمام الكثير من الاحتمالات لنلقي نظرة بمزبد من التفصيل على بعضٍ منها:

الفضاء:

تُعد القدرة على إنتاج مواد ذكية تتفاعل مع العوامل الخارجية ميزة أساسية لصناعة الطيران.

وتتيح الطباعة الرباعية الأبعاد تحقيق ذلك من خلال إنشاء هياكل ذاتية الانتشار (تنطوي وتتكشف بمفردها عند تعرضها لمحفز خارجي) لاستخدامها كوسيلة للتهوية ولتبريد المحرك واستخدامات أخرى مماثلة.

وفي هذا السياق، تعمل شركة Airbus SAS بالتعاون مع مختبر التجميع الذاتي التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالاعتماد على تقنية الطباعة الرباعية الأبعاد لتطوير حل من شأنه تبريد محركاتها اعتماداً على درجة الحرارة وعوامل أخرى.

وخير مثال على ذلك، ما قاموا به لتطوير عنصر مدخل الهواء بحيث يمكنه أن يُغير شكله استجابةً للظروف الديناميكية الهوائية لتقليل مقاومة الهواء.

واستخدم المهندسون لهذا الغرض ألياف الكربون بعد برمجتها بحيث يمكنها الاستجابة لقوى الضغط.

الأمر الذي يؤدي إلى التحكم تلقائياً في تدفق الهواء المستخدم لتبريد المحرك من خلال ضبط عنصر مدخل الهواء ذاتياً.

وتم اختبار المدخل بنجاح في قناة التهوية، ليتم استخدامه مستقبلاً كبديل عن النظام الميكانيكي الثقيل الذي يقوم حالياً بهذه المهمة.

ولم تقتصر تطبيقات الطباعة رباعية الأبعاد في مجال الفضاء على تطوير عنصر مدخل الهواء فقط، بل استفادت البعثات الفضائية أيضاً منها

فقد استخدم باحثون من معهد جورجيا للتكنولوجيا بوليمرات ذاكرة الشكل لطباعة الهيكل المصنوع من الدعامات بشكل ثلاثي الأبعاد بحيث يتم طي هذا الهيكل بشكل مسطح مؤقتاً ولكن يمكن أن يتكشف عند تعرضه للحرارة.

ويعتقد الباحثون أنه يمكن استخدام اختراعهم هذا لصنع هوائيات للمركبات الفضائية والروبوتات اللينة المتغيرة الشكل.

الدفاع:

كان للطباعة ثلاثية الأبعاد فوائد واسعة النطاق في مجال صناعة الدفاع، والآن تتطلع هذه الصناعة إلى المزيد من التطبيقات من خلال الطباعة رباعية الأبعاد.

فالزي العسكري الذي يمكنه أن يغير شكل التمويه أو يحمي بشكل أفضل من الغازات السامة أو الشظايا عند التلامس معها، يُمثل أحد الاستخدامات الواعدة للطباعة رباعية الأبعاد في هذا المجال.

كما استكشف الباحثون أيضاً طرقاً يمكن للجيش من خلالها استخدام الأشياء ذاتية التجميع، بما في ذلك إمكانية وجود ملاجئ أو جسور تتجمع من تلقاء ذاتها.

الطب:

تُعتبر إمكانيات الطباعة رباعية الأبعاد هائلة في المجال الطبي، حيث يمكن استخدام هذه التقنية في تطبيقات شتى ابتداءً من هندسة الأنسجة والأجهزة الطبية الحيوية الذكية

إلى تصنيع الجسيمات النانوية والروبوتات النانوية المستخدمة للعلاج الكيميائي.

على سبيل المثال، طور الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا حبراً ثلاثي الأبعاد قابل للطباعة مملوءاً بجزيئات مغناطيسية دقيقة.

الأمر الذي يجعل الهياكل الثلاثية الأبعاد المطبوعة بهذه المادة مُمَغنَطة، وبالتالي يُمكن التحكم فيها عن بعد.

وتفتح هذه التقنية الباب لصنع أجهزة يمكن أن يوجهها المغناطيس عبر الجهاز الهضمي لالتقاط الصور أو استخراج عينات من الأنسجة أو لإزالة الانسداد و أيضاً لتوصيل أدوية معينة إلى منطقة محددة من الجسم.

ويتجلّى تطبيق تقنية الطباعة رباعية الأبعاد في مجال هندسة الأنسجة، من خلال استخدام الهيدروجيلات (الهلاميات المائية) المتوافقة حيوياً لطباعة جلد صناعي يُستخدم للتطعيم

بالإضافة إلى طباعة غرسات بمكنها تغيير شكلها ووظيفتها دون تدخل خارجي.

السيارات:

في عام 2016 عرضت شركة صناعة السيارات BMW رؤيتها المستقبلية للسيارة النموذجية، والتي تضمنت استخدام الطباعة رباعية الأبعاد في إنتاج مكونات السيارة التي يُمكن أن تتكيف مع الظروف البيئية المتغيرة.

وبينما كان ذلك مجرد فكرة، إلّا أنه بعد عامين أعلنت شركة BMW بالتعاون مع مخبر التجميع الذاتي التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، عن إنشاء هيكل قابل للنفخ رباعي الأبعاد يمكنه التعديل والضبط الذاتي بناءً على التغيرات في ضغط الهواء.

وتعكس هذه المادة القابلة للنفخ والمصنوعة من السيليكون رؤية BMW للتصميم القابل للتكيف مع الظروف.

ومقاعد السيارة هي إحدى الطرق التي يمكن بها استخدام الهيكل المطبوع رباعي الأبعاد، ممّا يوفر لها الدعم والراحة. أو يمكن تطبيقه على شكل وسائد هوائية تحمي أثناء الصدمات.

السلع الاستهلاكية:

يعد إنتاج السلع الاستهلاكية مجالاً آخراً يمكن إعادة تخيله من خلال الطباعة رباعية الأبعاد.

حيث يمكن استخدام هذه التقنية في صنع قطع أثاث مسطحة مثل الكراسي والطاولات، والتي يمكن تجميعها ذاتياً. مما يلغي الحاجة إلى فتح صندوق وتجميع جميع الأجزاء يدوياً.

وقد يؤدي ذلك في النهاية إلى منتجات تتطلب مساحة تخزين أقل وتسهيل عملية نقلها.

مستقبل الطباعة رباعية الأبعاد

تعد الطباعة رباعية الأبعاد مجالاً رائعاً يقدم إمكانيات مثيرة للتصنيع. فالقدرة على تصنيع كائنات بوظائف قابلة للبرمجة من شأنها أن تغير الطريقة التي يتم بها إنتاج البضائع.

ومع ذلك، لايزال أمام هذه التقنية طريق طويل قبل أن تصبح متاحة تجارياً للشركات، فقد يستغرق الأمر عدة سنوات أو ربما عقداً أو أكثر قبل أن نرى تطبيقات الطباعة رباعية الأبعاد مجسدة على أرض الواقع.

وكل النتائج التجريبية تُشير إلى أنه قد يكون لهذه الطباعة تأثيراً هائلاً في المستقبل، كما تُشير أيضاً إلى أنها مستعدة لمتابعة تطور الطباعة ثلاثية الأبعاد لتصبح التقنية التجريبية التالية في التصنيع.

  • إعداد: المهندسة سهى عبدو
  • تدقيق: المهندس خليل محمود
  • تحرير: المهندس بشار الحجي