الديناميكا الحرارية هي فرع من فروع العلوم الذي يدرس العلاقة بين الحرارة، درجة الحرارة، الشغل والطاقة وأيضاً علاقتها بالإشعاع والخصائص الفيزيائية للمادة.
وغالباً ما يتم تعريفها على أنها فرع من فروع الفيزياء الذي يرتكز على نقل الطاقة مع وضع الحرارة والشغل بعين الاعتبار في جوهر النظرية.
ولكن عندما تحدث أثناء التفاعلات الكيميائية، غالبًا ما يُطلق على مجال البحث هذا بإسم الديناميكا الحرارية الكيميائية.
ما هي الديناميكا الحرارية تحت قوانين وشروط علم الكيمياء ؟
بإمكاننا التفكير في الديناميكا الحرارية الكيميائية الأساسية (علم الحركة الحرارية الكيميائية ) على أنها فرع من فروع الديناميكا الحرارية
والتي تقوم بدراسة التأثيرات الحرارية في التفاعلات الكيميائية وبتحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة حرارية في إطار قوانين الديناميكا الحرارية.
دعونا نلقي نظرة على هذه قوانين:
- ينص القانون الصفري للديناميكا الحرارية على أنه إذا كان هناك نظامين حراريين مستقلين في حالة توازن حراري مع نظام ثالث (بمعنى أنه لا يوجد تدفق صافٍ للطاقة الحرارية بينهما)، فإنهما يكونا أيضًا في حالة توازن حراري مع بعضهما البعض.
- وينص القانون الأول للديناميكا الحرارية على أن الطاقة لا تفنى ولا تُستحدث من العدم وإنما يمكن أن تنتقل وتتحول من شكل إلى أخر.
- يؤكد القانون الثاني للديناميكا الحرارية على أن الانتروبي (وكما بعرف بالقصور الحراري) للنظام المعزول يميل دائماً إلى الازدياد مع مرور الوقت.
- وينص القانون الثالث والأخير للديناميكا الحرارية على أن الانتروبي لنظامٍ ما عند درجة حرارة الصفر المطلق تبقى ثابتة، وتُعد هذه الأنظمة في حالة أساسية ولا يزداد الإنتروبي إلا مع تلاشي تلك الحالة الأساسية.
بُنيت أسس الديناميكا الحرارية الكيميائية أيضاً على قانونين سابقين، في عام 1789 و 1840، على التوالي، حيث كلاهما يعتبر من أوضح المعاني التي تختصر القانون الأول للديناميكا الحرارية
والذي ليس بصدفة يُعرف أيضاً باسم قانون حفظ الطاقة، وينصا:
- يعبر قانون لافوازييه ولابلاس على أن تغيرات الطاقة التي تأتي من أي عملية تحول للمادة تكون مُكافئة ومضادة تماماً لتغيرات الطاقة التي تأتي من العمليات العكسية.
- بينما يُطلق على قانون هيس أيضاً بقانون “التجميع الحراري الثابت” وذلك لأنه يفترض بأن الاختلافات في الإنثالبية التي تحدث أثناء التفاعلات الكيميائية ماهي إلا مواد مضافة فهي لا تعتمد على عدد الخطوات المتخذة لتحقيق التفاعل المطلوب.
المهام الأساسية للديناميكا الحرارية الكيميائية
الإنثالبية (Enthalpy):
هي أحدى خصائص النظام الديناميكي الحراري الذي يُعرَّف بكونه تدفق للطاقة الحرارية التي يطلقُها النظام أو يمتصها من البيئة المحيطة تحت ضغط ثابت.
وتُقاس هذه الاختلافات في الطاقة بوحدة الجول (J).
ويمكن حساب الإنثالبية من خلال الصيغة التالية:
H = E + PV
حيث:
- H تعبر عن الإنثالبية.
- E تعبر عن الطاقة الداخلية.
- P تعبر عن الضغط.
- V الحجم.
تُعد الإنثالبية إحدى وظائف الحالة الرئيسية للمادة (وهي خاصية لا تعتمد قيمتها على المسار المتبع للوصول إلى تلك القيمة المحددة) والتي تعتبر من المتغيرات الأساسية في الديناميكا الحرارية -الكيميائية- وتشمل الوظائف الآخرى:
الطاقة الداخلية (U):
تمثل الطاقة التي يحتوي عليها النظام الديناميكي الحراري، و تهتم الديناميكا الحرارية بالتغيرات التي تحدث في الطاقة الداخلية إلى حد كبير.
ففي النظام المغلق، ترجع التغيرات الناتجة في الطاقة الداخلية (ΔU) إلى انتقال الحرارة والعمل الديناميكي الحراري الذي يقوم به النظام في المحيط.
ويمكن وصف هذه العلاقة بالمعادلة التالية:
ΔU = Q – W
حيث:
- Q صافي معدل انتقال الحرارة.
- W صافي الشغل (العمل) المبذول.
ولاحظ أن هذا يصف أيضاً القانون الأول للديناميكا الحرارية.
الإنتروبي (S):
هي كمية ديناميكية حرارية تقاس بوحدة الجول لكل كلفن، وتعرف بكونها مقدار الطاقة الحرارية الغيرمتاحة لتحويلها إلى عمل ميكانيكي.
وغالباً ما تُعرف بأنها مستوى الاضطراب الجزيئي أو العشوائية في النظام.
طاقة Gibbs الحرة (G):
,تُعرف بأنها أقصى قدر من الشغل الغير قابل للتمدد الذي يمكن الحصول عليه من نظام مغلق ديناميكيًا حرارياً
(وهو نظام يمكنه تبادل الحرارة والشغل مع محيطه وليست المادة).
و اشتُق باستخدام المعادلة:
ΔG = ΔH –TΔS
حيث:
- ΔG معدل التغير في طاقة Gibbs الحرة.
- ΔH معدل التغير في الإنثالبية.
- T درجة الحرارة (بالكلفن).
- ΔS التغير في الإنتروبي.
طاقة Helmholtz الحرة:
غالباً ما يُنظر إليها على أنها وظيفة حالة رئيسية في الديناميكا الحرارية
فهي تقوم بقياس الشغل “المفيد” الذي يمكن الحصول عليه من نظام ديناميكي حراري مغلق عند درجة حرارة ،حجم وعدد الجسيمات ثابتة.
وتستخدم المعادلة التالية لحسابها:
F = U – TS
حيث:
- F الطاقة Helmholtz الحرة.
- U الطاقة الداخلية للنظام.
- T درجة الحرارة المطلقة.
- S الإنتروبي.
إذاً … هل الديناميكا الحرارية تصنف تحت الفيزياء أم الكيمياء ؟
بغض النظر على أنه يتم تصنيف الديناميكا الحرارية في أغلب الأحيان على أنها فرع من فروع الفيزياء، إلا أنها قابلة للتطبيق أيضاً على الكيمياء.
اذ بالإمكان استخدامهما بشكل متساوٍ لوصف وشرح كل من المحركات البخارية والتفاعلات الكيميائية.
ففي النهاية، تتعامل الديناميكا الحرارية مع الطاقات الحرارية والميكانيكية (الشغل) والتي لها مكان وتأثير في كل من الظواهر الفيزيائية والكيميائية.
ترتبط الفيزياء والكيمياء ارتباطًا وثيقًا عندما يتعلق الأمر بالديناميكا الحرارية، لأن غالبًا ما تفسر قوانين الفيزياء سلوك المركبات الكيميائية.
على سبيل المثال: يمكننا استخدام القوى الكهربائية لتوضيح مراحل التفاعلات الكيميائية التي يتم فيها تبادل الأيونات والإلكترونات.
تقوم كل من الفيزياء والكيمياء بدراسة المادة والطاقات التي تتفاعل معها ولكن تبعاً لنطاقات ونهج مختلف مع وجود بعض الاستثناءات التي تنطبق على علم الفيزياء ولا ينطبق على علم الكيمياء
مثل المادة السوداء (وكما تُعرف باسم المادة المعتمة) أو الكوارك (الرِكِّين).
ومع هذا، فإنه لا يمكن فصل هذه العلوم من بعضها بشكل جذري، وذلك لوجود مجالات متعددة الاختصاصات تربط المجالين ببعض
مثل: الكيمياء الفيزيائية والفيزياء الكيميائية والكيمياء الكهربائية والنانوتكنولوجي و اخيراً الديناميكا الحرارية.
للديناميكا الحرارية أيضاً فروع متعددة وبغض النظر عن تخصص الديناميكا الحرارية الكيميائية فهناك فروع أخرى، بما في ذلك:
- الديناميكا الحرارية الكلاسيكية: بالنظر إلى أنها اكتُشفت قبل اكتشاف الهياكل الذرية في القرن التاسع عشر، إلا أن الديناميكا الحرارية الكلاسيكية تتعامل فقط مع العلاقات بين الخصائص المجهرية وخصائص المادة القابلة للقياس.
- الديناميكا الحرارية الإحصائية: وتُعرف أيضاً بإسم علم ميكانيكا الاتزان الإحصائية، وغالباً ما يتم اتخاذها كحلقة وصل بين علم الميكانيكا والديناميكا الحرارية للأنظمة المجهرية. واستناداً للأساليب الإحصائية ونظرية الاحتمالات، تستخدم الديناميكا الحرارية الإحصائية الخصائص الجزيئية للتنبؤ بسلوك الكميات المجهرية للمركبات.
- التوازن الثرموديناميكي: يتركز على عمليات تحول المادة والطاقة داخل الأنظمة المتواجدة تحت التوازن الديناميكي الحراري (أي بمعنى عدم وجود حرارة أو أي نوع من تدفق في الطاقة بينهما)، وهذا المفهوم هو أساس القانون الصفري للديناميكا الحرارية.
كيف يستعين المهندسون الكيميائيون بالديناميكا الحرارية ؟
الهندسة الكيميائية هي وصلة الربط بين علم الفيزياء والكيمياء، و لفهم كيف يمكن للمهندسين الكيميائيين الاستفادة من الديناميكا الحرارية في عملهم، يجب علينا أن نوضح بالضبط من البداية مفهوم الهندسة الكيميائية وأهميتها.
اكتشفت الهندسة الكيميائية واعترف بها كمهنة من قبل المهندس الإنجليزي George E. Davis,، وهو من كتب دليل الهندسة الكيميائية (عام 1904)
بناءً على 12 محاضرة تم تقديمها في كلية مانشستر للتكنولوجيا وفي ذاك الوقت وصف المهندسين الكيميائيين بأنهم أشخاص يطبقون معارف العلوم الكيميائية والميكانيكية “يستخدمون التأثير الكيميائي” على نطاق التصنيع.
يُخصص المهندسون الكيميائيون وقتهم لأعمال الإنتاج الكيميائي بالإضافة إلى تصميم المنتجات وتصنيعها من خلال العمليات الكيميائية، وهذا يشمل البحث عن المعدات وطرق القيام بتلك العمليات.
وفقًا لديوان العُمال الأمريكي، يمكن للمهندسين الكيميائيين أن يساهموا في تصنيع كل من: الوقود والمطاط الصناعي والبطاريات وطلاء الجدران والمتفجرات والأسمدة
وبعض أنواع البلاستيك و المنظفات والمنسوجات والأسمنت والورق وغيرها من المنتوجات التي تتطلب وجود عناصر الكيميائية.
وغالباً ما يقومون بتلك الأعمال في المصانع أو المصافي أو المختبرات.
حيث يطبق المهندسون الكيميائيون مبادئ الكيمياء والفيزياء ويستخدموها في تحويل المواد الخام إلى منتجات نهائية.
تحديداً من خلال توظيف الديناميكا الحرارية في تعيين حالات الطور والتوازن الكيميائي، والتي يمكن أن تسمح لهم فيمل بعد بتصميم مفاعلات كيميائية
القيام بعمليات الخلط والفصل وعمليات التحكم في التوازن بطريقة أكثر كفاءة وفعالية.
الهندسة الكيميائية الثرمودايناميكية هي في الواقع تُقدم كدورة مختصة في مجال الهندسة الكيميائية في مؤسسات أكاديمية العالية والمرموقة كمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
وبإمكان للديناميكا الحرارية المطبقة في الهندسة الكيميائية أن تساعد هؤلاء الممتهينين فيها على كيفية حساب مقدار الشغل الذي يمكن أن تنتجه أنواع معينة من الوقود
وتحديد درجة الحرارة والضغط الأفضل لبعض العمليات الكيميائية وغيرها.
ختاماً
يمكننا القول بأننا لسنا بحاجة إلى علوم الكيمياء لمعرفة مفاهيم الديناميكا الحرارية.
ولكن بصورة خاصة، علوم الكيمياء و الهندسة الكيميائية تعتمد بشكل كبير على الديناميكا الحرارية وذلك حتى توجهها نحو إدراك، تحليل وتصميم العمليات الكيميائية على أمثل وجه.
- إعداد: المهندسة ملاك بعيو
- تدقيق: المهندسة أسماء حمود
- تحرير: المهندس بشار الحجي