ما علاقة السندباد بهندسة العمارة ؟ سنعرف ذلك بعد قليل ، تعرّفوا معنا على أحد أجمل مشاريع التخرّج المعماريّة العربية لهذه السنة ، والمسمى تحت عنوان (سفاري : تحت رمال الدانية) من أعمال المهندسة المميّزة جداً ساره صالح عبد الجليل خريجة جامعة المثنى ، والتي يمكننا التنبوء لها بمستقبل مزدهر ومشرق كمستقبل الراحلة زها حديد رحمها الله ، ومن الجدير بالذكر أنّه تربطهما رابطة وطن ، فكلتيهما من العراق الحبيب.
“أنا مهندس” كانت أوّل من بارك لها هذا الإنجاز والمشروع المميّز والذي فاق شروطنا الدنيا لقبول المشاريع على منصتنا بكثير ، واستحق بكل جدارة تسليط الضوء.
تابعوا حوارنا مع المهندسة ساره لنعرف أكثر عن مشروعها ، والتحديات والأهداف.
م.ساره نباركُ لكِ هذا المشروع المميّز ، والذي نفتخر بالحديث عنه على منصتنا ، هل يمكن أن تحدثينا قليلاً عن مشروعكِ ؟
– كل الشكر لكم ، و منصة “أنا مهندس” هي حقاً منصة المهندس العربي الأولى ، والتي أحرص على متابعة كل جديد فيها دوماً ، إن طبيعة مشروعي هو دمج ما بين الحفاظ و حماية الحياة البرية من ايدي الصيادين و توفير السياحة و الترفيه للناس و التوعية بضرورة المحافظة على الحيوانات و ايضا لفت الانظار الى جمال الطبيعة في بادية السماوة المهملة.
وهذا المشروع يضم عدة فعاليات منها سكن للناس و الموظفين لان المنطقة بعيدة عن مراكز المدن و مطاعم و محلات و محميات للحيوانات المختلفة و معارض و منتزهات عامة بالإضافة الى مراكز علاج و ابحاث للحيوانات و مناطق تخييم للعيش و الاستمتاع بتجربة الحياة البرية.
ومعنى كلمة سفاري هي رحلة الناس مع الحيوانات في موطنهم الاصلي دون وجود حواجز بينهم و عادة تكون الرحلة ليلية حيث يحق للناس التفاعل مع الحيوانات مع وجود رقابة امنية لمنع الحوادث.
جميل جداً ، هل يمكنكِ إخبارنا ما هي أهداف هذا المشروع والحاجة لهُ ؟
-بكل تأكيد ، الهدف الأوّل من هذا المشروع هو خلق بيئة تجمع كل من الإنسان والحيوان والنبات ، وفي الوقت ذاته تكون محمية للحيوانات المهمة في المنطقة ، أما الهدف الثاني فهو استغلال هذه المنطقة الصحراوية المهملة والمساهمة في القضاء على التصحّر الموجود في المنطقة ، ثم تثقيف الناس بأنواع النباتات والحيوانات المتواجدة في العراق والطيور المهاجرة في مواسم مختلفة ، والمساهمة في القضاء على الصيد الجائر.
أهداف مميّزة ومهمة حقاً ، إذا المشروع مصمم لينفذ في منطقة صحراوية ، هل يمكننا أن نعرف عن الموقع أكثر وأين يقع في العراق ؟!
-بالطبع ، إن موقع المشروع في البادية الجنوبية الغربية للعراق في محافظة المثنى و قضائها السلمان في منطقة يطلق عليها “هدانية”_هدانية المنطقة الخضراء النادرة في الصحراء الساكنة_ وجاءت تسمية هدانية من كلمة الدانية اي القريبة حيث كانوا في اللغة اللحدانية يستبدلون ” ال ” التعريف بحرف هاء فسميت هدانيه .
وهي من المنخفضات الكبيرة التي تبلغ مساحتها (66.22) كم مربع و تحيط بها التلال من كل جانب وتبعد عن مركز مدينة السماوة 155 كم.
وما هي الأسباب التي جعلتكِ تختارين هذا المكان فضلاً عن باقي مناطق العراق ؟
بصراحة لأن هذا الموقع يتمتّع بالكثير من نقاط القوة و الفرص والتي من الممكن الاستفادة منها:
- بداية وجود محميات طبيعية قريبة في المنطقة.
- كما إنه هذه المنطقة تتميز بجمالها و طبيعتها الخلابة في فصلي الشتاء و الربيع.
- و وجود تنوع بيولوجي كبير.
- وجود مقترح لدائرة الزراعة لإقامة منتزه وطني في الموقع.
- ومساحات كبيرة متوفرة.
- وإمكانية استغلال المياه الجوفية لان سكان المناطق المجاورة يعتمدون على حفر الابار.
- كما إنّه هذه المنطقة تمتلك طوبوغرافية متنوعة.
أسباب مشجعة ومقنعةٌ حقاً ، م.ساره بكل تأكيد كل نجاح وإنجاز يمر بالكثير من التحديات والصعاب ، فما هي التحديات اللي يمكن أن تواجه مشروعك ؟
– بداية بعد الموقع عن مركز المحافظة ، وفعالية المشروع قد تكون موسمية بسبب كون الموقع ينشط في الربيع و الشتاء ، وعدم وجود بنى تحتية من كهرباء و شوارع معبّدة.
وصلنا للسؤال الذي أثار فضولي وفضول القراء ، فما هي قصة السندباد تلك ؟! وما دوره في هذا المشروع ؟!
-إنّ الفكرة التصميمية مستوحاة من قصة رحلة السندباد الاستكشافية الى وادي الكنوز ، واخترت هذه القصة لأنها تشابه الهدف من مشروعي وهو الذهاب برحلة الى بادية السماوة و اكتشاف كنوزها المتمثلة بالتنوع البيولوجي ، واستخرجت ثلاث مفاهيم رئيسيّة من هذه القصة ، الكنز والمغامرة والتفاعل مع الحيوانات.
فالكنز متمثلٌ بالتنوع البيولوجي أمّا المغامرة فتتمثّل بإحدى وظائف المشروع “السفاري”وأمّا التفاعل مع الحيوانات يتمثّل بوجود محميات للحيوانات.
رائع فعلاً ، م.ساره إن التصميم مميّزٌ جداً ، وليس مثل باقي التصاميم التقليدية ، فكيف استوحيتِ هذه التصاميم والأشكال الجميلة الإبداعية ؟
شكراً لكَ ، في الحقيقة بعد الدراسة و البحث في اشكال التنوع البيولوجي (الكنز) الموجود في الموقع تم اختيار فطر الكمأة النادر و طريقة تكونه تحت التربة ليكون مصدر لتوليد الاشكال للمشروع.
إذاً للفطر استخدامات وفوائد أخرى غير استخدامه في البيتزا ، م.ساره علمت أنّ مشروعك هذا صديق للبيئة ، فكيف ذلك ؟!
-بكل تأكيد له فوائد أخرى ، وخصوصاً مع المهندس المعماريّ ، وصحيح مشروعي صديق للبيئة و من أهم المعالجات البيئية في المشروع هي الاستفادة من مياه الامطار التي تتجمع في الموقع في فصل الشتاء لأن التلال تحيط به من كل الجوانب, حيث تم حفر خندق يحيط بالمنتجع يعمل على تجميع مياه الامطار و تخزينها لتغذية فعاليات المشروع ويعمل الخندق عمل فاصل طبيعي يعزل المشروع عن باقي الموقع أيضاً.
كما أنّه قد تم اقتراح استخدام الطاقة شمسية و تورباينات الرياح لتوليد الكهرباء والطاقة اللازمة لتشغيل المشروع ،وذلك لوجود مساحات واسعة فارغة و عدم وجود مجاورات بنائية قد تؤثر التورباينات عليها سلبياً.
م.ساره هل يمكنكِ إخبارنا عن أهم الفعاليات والنشاطات التي يؤمّنها هذا المنتجع ؟
– بالطبع ، لنبدأ كما هو مخطط ،إن أهم الفعاليات والمحاور الأساسية هي المحور الثقافي حيث أنّه عند دخولك من بوابة المنتجع يبدأ الجزء الثقافي بنفق يأخذ الزائر الى معرض تنوع بيولوجي تحت الارض و بعد اكمال المعرض و اخذ جرعة ثقافية يكون الزائر امام خيارين اما الصعود الى برج مراقبة الطيور
أو الدخول بنفق آخر يقوده الى محمية الحيوانات و الطيور ويحتوي المنتجع أيضاً على كهف يمثل معرض للصخور و المتحجرات .
ولدينا أقفاص كبيرة للطيور العملاقة تسمح لها بحرية الطيران ويسمح للزائر بالدخول اليها و مشاهدة الطيور عن كثب و يكون مؤلف من طابقين ويكون معلقاً وتحمله ساريه وكابلات.
وما هي الفعاليات الترفيهية التي سيتم تقديمها في هذا المنتجع ؟
– إنّ أهم فعالية ترفيهية هي رحلة السفاري و التي تكون بنوعين داخلية بواسطة ركوب الجمال والخيل و خارجية على الكثبان الرملية بواسطة سيارات دفع رباعي مخصصة للصحراء .
تليها بالأهمية رحلة بواسطة قوارب صغيرة في الخندق حول المشروع لرؤية اقفاص الطيور من الخارج.
بالإضافة الى وجود حدائق عامة و محلات و مطاعم.
كما أنه يوجد شقق فندقية للزوار , سكن موظفين و ادارة , مركز صحي و اسعافات اولية , قاعة متعددة الاغراض و مركز بيطري.
وصلنا للختام ، م.ساره ما هو سبب اختيارك لهذا لمشروع ؟ وما نصيحتك لطلاب هندسة العمارة ؟!
-توجد اسباب و دوافع كثيرة ادت الى إختياري هذا المشروع ليكون مشروع تخرجي في مرحلة البكالوريوس , أهمها ذكريات الطفولة السعيدة ، حيث أنّه عندما كنت في سن الرابعة من عمري عشت مع اسرتي رحلة سفاري في كل من تايلند و سنغافورة وبقيت خالده في ذاكرتي .
أمّا السبب الثاني فهوحبّي الكبير للحيوانات و الطيور على وجه الخصوص و الذي غرسه والدي بداخلي منذ الطفولة.
والسبب الثالث حبّي للسياحة والسفر.
وبالنسبة لطلاب العمارة أرى أنه يجب أن يكون مشروع التخرج نابع عن حب لشيء ما أو تجربة أو ذكرى مميّزة حتى يكون عاكساً لشخصية وروح مهندس العمارة ويكون الطالب متحمساً ومستمتعاً في العمل عليه وليس مرغما فقط من أجل التخرّج.