أصبح تقليلُ الملوثات النّاتجة عن محرك السّيارات هدفاً أساسيّاً لجميع الشّركات، وخاصة مع القوانين الصّارمة الّتي تصدرُ كلّ عام بهدفِ الحدّ من هذه الملوثات.
تنتجُ محركاتُ الحقن المباشر (بنزين أو ديزل) مادةً ملوثة ومضرة بصحة الإنسان، وتُعرفُ بـ ” الجسيماتُ لمعلّقة أو الدّقائق”!!
ما هي الجسيماتُ المعلّقة؟ كيف تنتجُ؟ وكيف يمكننا الحدّ أو التّخلص منها؟
تتبعُ محركاتُ الدّيزل اليوم نظامَ الحقن المباشر المعروف بالـ Common rail، والّذي أحدث ثورةً في عالم محركات الدّيزل
وذلك لقدرته الكبيرة على تحسين عمليّة الاحتراق، ومنه القدرة النّاتجة عن المحرك.
إلّا أنّ أحد سلبيات هذه المحركات هي الجسميات المعلّقة النّاتجة عن هذه المحركات.
وفيما يخصُ محركات البنزين، فأغلبها يتبعُ نظامَ الحقن غير المباشر الّذي لا ينتجُ عنه جسيمات معلّقة
وقسم آخر يتبعُ نظامَ الحقن المباشر GDI وينتجُ عنه جسيمات معلّقة.
ما هي الجسيماتُ المعلّقة ؟
الجسيمات المعلّقة: هي عبارة عن جسيمات كربونيّة صلبة، تنتجُ عن عمليّة احتراق غير مكتملة للوقود
تخرجُ مع الغازات العادمة على شكل جزيئات معلّقة ذات أحجام مختلفة، ولها تأثير سلبيّ على البيئة وعلى صحة الإنسان
إذ أنّها تهيّجُ الأغشيةَ المخاطيّة للعين وللأنف، وقد تكون مسرطنة.
ومن أجل الحدّ من انتشار هذه الجسيمات في الهواء الجويّ؛ كان على شركات السّيارات اختراع جهاز مفلتر يقضي على هذه الجسيمات، ويسمى هذا الجهاز المفلتر في اللّغة الفرنسيّة بـ FAP ، و DPF باللّغة الإنجليزيّة.
مما يتكونُ هذا الجهاز وكيفَ يعملُ ؟
الفلتر هو عبارة عن أسطوانة (عادة من السّيراميك وأحياناً من المعدن)، تتكونُ من سلسلةٍ من الأنابيب المساميّة
بحيث أنّ كلّ أنبوب يكونُ مفتوحاً من جهة ومغلقاً من الجهة الأخرى، كما هو موضّح في الصّورة أدناه.
تكونُ مساماتُ هذه الأنابيب أصغر من حجم الجسيمات المعلّقة، فعندما تعبرُ الغازاتُ العادمة من الفلتر؛ تصطدمُ الجسيمات المعلّقة بالطّرف المقابل المغلق
وبالتّالي تبقى محجوزة داخلَ الأنبوب لعدم قدرتها على اختراق المسامات، أمّا الغازات العادمة الأخرى تمرُ عبر المسامات الموجودة في أعلى وأسفل الأنبوب وتتبعُ مسارها في نظام العادم.
بهذه الطّريقة، يتمُّ تجميع الجسيمات المعلّقة داخلَ الأنابيب ومنع خروجها إلى الهواء الجويّ.
ومع مرور الوقت وتجمع كميات أكبر من هذه الجسيمات؛ ترتفعُ كفاءةُ الفلتر في حجب الجسيمات ذات الحجم الأصغر، إلّا أنّها تؤثرُ على عبور الغازات العادمة الأخرى.
تؤثرُ بشكل سلبيّ على كفاءة المحرك واستهلاك الوقود لأنّها تخلقُ نوعاً من الضّغط العكسيّ على المحرك
لذلك لا بدَّ من التّخلص من هذه الجسيمات المعلّقة المتجمعة بعد فترة معينة.
تسمى عمليةُ التّخلص منها بـ “التّجديد”، ويُقصدُ بها العملية الّتي يتم من خلالها حرق الجسيمات المعلّقة والمتجمعة في الفلتر وتنظيفه منها
وهذه العمليّة ضروريّة جداً للحفاظ على كفاءة الفلتر والمحرك.
تتمّ عملية التجديد بعدّة طرق نذكرُ منها:
- الحقنُ المتأخّر: و هي الطّريقة الأكثر استخداماً، إذ يتمّ حقن كمية من الدّيزل خلال شوط الطّرد، وذلك لرفع درجة حرارة الغازات العادمة حتى تصلَ إلى درجة الحرارة المطلوبة لبدء عملية الاحتراق للجسيمات المعلّقة (حوالي400 درجة مئوية).
- التّنظيفُ بواسطة موقد: يتمّ إرسال غازات بدرجات حرارة مرتفعة تصلُ إلى (750-800) درجة مئوية عن طريق موقد موجود بجانب الفلتر، والّذي بدوره يوفر الظّروفَ المناسبة لحرق الجسيمات المعلّقة والمتجمعة في الفلتر.
- المحفّزاتُ: و تتمّ بطريقتين: *إضافةُ المحفّزات إلى الدّيزل، وهذا يساعدُ في تغيير التّركيب الكيميائيّ للجسيمات المعلّقة، ويسهّل من عمليّة أكسدتها. *تلبيسُ أنابيب الفلتر بالمحفّزات، والّتي بدورها تساعدُ في تنشيط/ تفعيل عمليّة احتراق الجسيمات المعلّقة.
- من الممكن استعمال أكثر من طريقة معاً.
ماذا عن توقيت عمليّة التّجديد؟
يختلفُ التّوقيتُ حسبَ الشّركة المصنّعة، فعمليّة التّجديد قد تكون على فتراتٍ.
حيث يتمّ وضع حساس يقيسُ فرقَ الضّغط بين طرفيّ الفلتر، وعندما يصلُ إلى قيمة معينة؛ يتمّ تفعيل عمليّة التّجديد.
وقد تكون عمليّةُ التّجديد فعّالةً طيلة دورة تشغيل المحرك، وذلك لتوفر العناصر المؤكسدة اللازمة.
ومن أبرز سيئاته: يزيدُ من استهلاك الوقود، خاصة عند عمليّة التّجديد.
بغض النّظر عن هذه السّيئات، من الضّروريّ الحفاظ على الفلتر وعدم إزالته كي نستطيعَ تقليل التّلوث قدر الإمكان، وتوفير بيئة صحيّة مناسبة للإنسان.
- إعداد : المهندس جورج قمصية
- تدقيق : المهندسة اسماء حمود
- تحرير : المهندس بشار الحجي