قبلَ التّطرق لمراحلِ معالجةِ مياهِ الصّرف الصّحيّ..
نذكر أنَّ مدينةَ نيويورك لديها مجموعة من 14 محطة لمعالجةِ مياهِ الصّرف الصّحيّ الّتي تتعاملُ مع 1.3 مليار غالون من مياهِ الصّرفِ الصّحيّ يومياً (4.9 مليار لتر)
وهذا يكفي لملء البحرِ الميتِ من المياهِ في خلال 8 سنوات، فقط من مدينةٍ واحدةٍ كبيرة !!
إذن ما هي مراحلُ معالجةِ مياهِ الصّرفِ الصّحيّ؟
أولاً المعالجةُ ما قبل الأوّليّة :
عندما تصلُ مياهُ الصّرفِ الصّحيّ إلى محطةِ المعالجة، يتمُّ أولاً تجميع القطعِ الكبيرةِ وتصفيتها من خلالِ المرشحِ
و هذه الوحدةُ المرشحةُ كبيرةٌ نوعاً ما، وتسمى بمرشحاتِ القضبانِ (Bar Screens).
مهمتُها الرّئيسيّة هي جعلُ مياهِ الصّرفِ الصّحيّ أكثرَ تجانس حتى تتمكن المياهُ الملوثةُ من التّدفقِ من خلالِ المضخاتِ والأنابيبِ في المحطة.
وبعدها تُرسلُ النّفاياتُ الّتي تمت إزالتها من مرشحاتِ القضبانِ إلى المكبِ (landfill)
وتتجهُ مياهُ الصّرفِ الصّحيّ الّتي تحتوي على نفاياتٍ ذات الحجمِ الأصغر قليلاً إلى غرفةِ الحصى grit chamber) ).
غرفُ الحصى: هي بركٌ كبيرةٌ تسمحُ للجسيماتِ الكبيرةِ الباقيةِ في مياهِ الصّرفِ الصّحيّ بالاستقرارِ في قاعها وتسمى بالحصى (مثل التّراب والرّمل وجزيئات الطّعام الكبيرة).
تساعدُ هذه العمليةُ في جعلِ مياهِ الصّرف الصّحيّ أكثر تجانس مما كانت عليه
وبعدها تُنقلُ الحصى إلى مدافن النّفاياتِ للحصولِ على مياهٍ صرفٍ صحيّ متجانسة جداً في هذه العملياتِ القليلةِ الأولى، لتنقلَ بعدها المياهُ إلى مرحلةِ “المعالجة الأوّليّة”.
ثانياً المعالجةُ الأوّليّة :
تعملُ أجهزةُ المعالجةِ الأوّليّةِ كأحواضِ ترسيبٍ عملاقةٍ تسمحُ للجسيماتِ الأكبر من 10 ميكرومتر (0.01مم) (المعروفة باسمِ المواد الصّلبة المعلقة) بالاستقرارِ في قاعِ الحوض.
كما ويُستخدمُ ذراعُ إزالةٍ عملاقٍ (قشط) للتخلصِ من الدّهونِ والشّحومِ الّتي تطفو على سطحِ الماء.
تستندُ المعالجةُ الأوّليّةُ على مبدأ يُسمى سرعة الاستقرار، وهو السّرعةُ الّتي تستقرُ بها الجسيمات.
إذ يتأكدُ المهندسون من أنَّ تدفقَ المياهِ إلى المعالجِ الأوّليّ ليس أكثر من سرعةِ استقرارِ الجسيماتِ، مما يضمنُ استمرارَ استقرارِ الجسيماتِ واستمرارَ تدفقِ مياهِ الصّرف.
عند الانتهاءِ من المعالجةِ الأوّليّة، تكون مياهُ الصّرفِ الصّحيّ خاليةً من الموادِ الصّلبةِ الأكبر من 10 ميكرومتر
وملوثةً في الغالبِ بالموادِ العضويّةِ، لتنتقلَ مياهُ الصّرفِ الصّحيّ بعدها إلى أحواضِ التّهويةِ، وتبدأ عملياتُ المعالجةِ الثّانوية.
ثالثاً المعالجةُ الثّانويةُ (النّهائية) :
أحواضُ التّهوية: هي أحواضٌ ساخنةٌ تقومُ بتسخينِ مياهِ الصّرفِ وتشكيلِ فقاعاتِ هواءٍ في الأسفلِ، وفقاعاتُ الهواءِ هذه تزيدُ من نسبةِ الأكسجين المذاب في المياه.
كما ويقومُ المهندسون بضخِ الحمأة في أحواضِ التّهويةِ، وهي في الأساسِ بكتيريا ونفايات من المرحلةِ الثّانية من المعَالجة.
تزيدُ هذه الحمأةُ من مستوى الأكسجين في الماءِ، بينما تتغذى البكتيريا على الموادِ العضويّةِ وتقومُ بالتهامِها.
وبعدها ستكونُ مياهُ الصّرفِ الصّحي أكثرَ وضوحاً.
تستقرُ الحمأةُ في القاعِ، ويتمُّ إعادة استخدام جزءٍ منها لجعلِ أحواضِ التّهويةِ تعملُ بسلاسةٍ، والّذي لم يُستخدم يترك ليجفَ قبلَ التّخلصِ منه أو استخدامهِ كسماد.
في مرحلةِ المعالجةِ الثّانويةِ يتمُّ إزالةُ 85% من الموادِ العضويّةِ، لتنتقلّ بعدها إلى مرحلةِ التّطهيرِ الّتي تسبقُ مرحلة التّفريغ.
ما هي مرحلةُ التّطهيرِ؟
في مرحلةِ التّطهيرِ، يتمُّ قتلُ جميع البكتيريا المسببةِ للأمراضِ المتبقيةِ في المياهِ باستخدامِ الكلور، الأوزون أو الأشعة فوق البنفسجية.
تطهيرُ الأوزون: هو تفريغُ الكهرباءِ في المياهِ وبالتّالي تحولُ جزيئاتِ الأكسجين إلى جزيئاتِ الأوزون، وهذا ما يجعلُ البكتيريا تتأكسد ويتسببُ ذلك في كسرِ جدرانِ خلاياها، ومن ثمَّ قتلها.
أما بالنسبةِ للكلور فهو مادةٌ كيميائيةٌ سائلةٌ تضافُ إلى المياهِ، ويقومُ مشغلو محطةِ المعالجةِ بإزالةِ الكلور قبلَ إطلاقِ النّفاياتِ السّائلةِ في الأنهارِ لمنعِ تلوثِ البيئةِ بالكلور.
كما ويمكنُ استخدام الأشعةِ فوق البنفسجية لتتزاحمَ مع الحمضِ النّوويّ للبكتيريا، فيمنعُ تكاثرها.
عملياتُ التّطهيرِ هذه لها إيجابيات وسلبيات مختلفة، وتستخدمُ بشكلٍ تبادليّ إلى حدٍ ما في جميعِ أنحاءِ العالم.
ماذا يحدثُ بعدَ عملياتِ التّطهيرِ؟
بعدَ التّطهيرِ، يتمُّ إطلاقَ المياهِ في الأنهارِ والجداول.
وفي المناطقَ الّتي تشحُ فيها المياهُ، يمكنُ إعادة مياهِ الصّرفِ الصّحيّ المعالجةِ إلى جولةٍ أخرى من المعالجةِ لتحويلها إلى مياهٍ صالحةٍ للشرب.
وهذا آمنٌ جداً من النّاحيةِ الكيميائية، ويمكنُ استخدامها في العديدِ من الأماكنِ في جميعِ أنحاءِ العالمِ
لولا الصّفة غير المستحبةِ المحيطةِ بعمليةِ الحلقةِ المغلقةِ لتحويلِ مياه الصّرف الصّحيّ إلى مياهٍ صالحةٍ للشرب.
العمليةُ بأكملها تستغرقُ حوالي 24 إلى 36 ساعة لجزيء من الماءِ لجعلهِ نقياً من خلالِ محطةِ المعالجة.
مع عظمةِ محطاتِ معالجةِ مياهِ الصّرفِ الصّحيّ لا داعي للتفكيرِ في مصيرِ نفاياتنا.
مصدر المقال : انقر هنا
- ترجمة : المهندسة أية احسان
- متابعة : المهندسة راما شمص
- تدقيق : المهندسة أسماء حمود
- تحرير : المهندس بشار الحجي