وأنت تنتظرُ دورك في مطعمٍ للوجبات السّريعة لتقدمَ طلبك، هل ستلتحقُ بصفِ الانتظار البطيء أم ستختارُ الصّفَ السّريع؟
وفقاً لجميع الاحتمالات، ستختارُ بالتّأكيد الصّف الّذي يتحركُ بشكل أسرع، أيّ الطّريق الأقلّ مقاومة.
هذا يشبهُ إلى حدّ بعيد ما يحدثُ عند تدفق الإلكترونات خلال الأسلاك
رغم وضوح الإجابة، إلّا أنّ آليّة تدفق الإلكترونات و اختيارها الطّريق الأقلّ مقاومة يبدو أكثر تعقيداً.
بدايةً نسألُ: ما هو الإلكترون ؟
عرفنا سابقاً أنّ الذّرة هي وحدة بناء المواد، وتحتوي على جسيمات صغيرة تدعى الجسيمات الأوّليّة..
والإلكترون هو واحد من الجسيمات الأوّليّة الّتي تدعى الليبتونات، وتدلُ مفردة “الليبتونات” على جسيمات أوّليّة لا تتكون من مواد أصغر.
نذكرُ هنا.. بعض القوانين الأساسيّة الّتي تخصُ الإلكترونات:
- كلّ الإلكترونات متجانسة.
- تحملُ الإلكتروناتُ شحنة سالبة (-1.602×10-19 C).
- تتنافرُ الإلكترونات من بعضها.
- تتحركُ الإلكترونات بسرعة تقاربُ سرعة الضوء (300,000 كم/ثانية)، أيّ ما يكفي للدوران 7 مرات حول خط الاستواء خلال ثانية واحدة.
ما هو التّيارُ الكهربائيّ ؟
هو تدفقُ الشّحنات خلال وحدة الزّمن.
عند تشغيل الأجهزة الكهربائيّة، ستجري الشّحناتُ في الحالة المثالية في مسارها دون أن تتعرضَ للإعاقة، إلّا أنّ للطبيعة رأي مخالف لذلك.
إذ أنّ هنالك إعاقة تعترضُ سير الشّحنات عبر السّلك، ويسمى السّلك عندها “السّلك ذو المقاومة الكهربائيّة R”.
ما هو اتجاهُ التّيار ؟
إنّ اتجاهَ التّيار يكونُ بعكس اتجاه الإلكترونات، لذلك نصلُ النّهايات المتعاكسة للسلك إلى بطارية
مما يؤدي لتدفق الإلكترونات وظهور فرق في الكمون الكهربائي، والّذي بدوره يعبرُ عن مدى بعد الجسيم عن الحالة المستقرة للطّاقة.
حيث تميلُ جميع الجسيمات للوصول لحالة التّوازن، وذلك بامتلاكها أقلّ طاقة ممكنة في محيطها لتنتقلَ من حالة الكمون المرتفع إلى حالة الكمون المنخفض.
وفي حالة سلك غير موصول لبطارية، تكونُ بعض الإلكترونات مرتبطة بالذّرات ولا يمكنها الحركة، إلّا أنّ بعضها الآخر (الإلكترونات الحرة) يتحركُ في اتجاهات عشوائيّة..
وهذا يشبهُ ما يحصل في مطعم مزدحم؛ إذ يجلسُ البعض دون حركة، بينما يتحركُ الواقفون في اتجاهاتٍ عشوائيّة.
ماذا يحدثُ للإلكترونات الحرة عند تعريضها لفرق كمون؟
عند توصيل بطارية، سيظهرُ فرق كمون عبر طرفي السّلكين المتعاكسين، وهذا ما ينتجُ عنه:
- تتعرضُ الإلكترونات الموجودة في النّهاية المتصلة بالقطب السّالب للبطارية لقوة طاردة، مما يدفعها باتجاه السّلك وبعيداً عن البطارية.
- تتعرضُ الإلكترونات الموجودة في النّهاية المتصلة بالقطب الموجب لقوة جاذبة باتجاه القطب، وتسحبُ من السّلك باتجاه البطارية.
- يتمّ دفع الإلكترونات الموجودة في المنتصف للأمام بواسطة الإلكترونات الموجودة خلفها، كما ويتمّ دفعها بواسطة الإلكترونات الموجودة أمامها.
- التّأثيرُ الكليّ لما سبق هو أنّ التّدفقَ الاتجاهيّ المنظم للإلكترونات يبدأ من القطب السّالب إلى القطب الموجب.
- العائقُ الّذي يعترضُ التّدفق هو مقاومة السّلك.
لنقمْ بهذه التّجربة:
إذا كان لدينا سلكين A و B موصولين لنفس البطارية، وكانت (Ra) هي مقاومة السّلك A و (Rb) هي مقاومة السّلك B، ونفترض أنّ Ra>Rb.
وهنا، يأتي السؤال:
أيّ من السّلكين سيسمحُ بتدفق عدد أكبر من الإلكترونات، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الأبعادَ الماديّة للسلك (الطّول والقطر) متماثلة؟
يكونُ الجواب:
هو السّلك “B”، ومن أجل التّوضيح.. دعونا نفهمُ آليّة العمل:
عند تشغيل المفتاح الكهربائيّ، ستجري الإلكترونات بعيداً عن القطب وذلك في السّلكين الموصولين بالقطب السّالب
إلّا أنّ السّلك A يبدي مقاومة أكبر من السّلك B لمرور الإلكترونات، مما يسهلُ مرور الإلكترونات في السّلك B أكثر مما هي عليه في السّلك A.
أما في القطب الموجب، ستتحركُ الإلكترونات في السّلك B بسهولة باتجاه البطارية وبعيداً عن الأسلاك بخلاف السّلك A.
سيتواصلُ تدفق الإلكترونات حتى يفقدَ السّلك قدرته على استيعاب الكترونات حرّة أكثر، وبالتّالي ستتحققُ الحالة المستقرة (التّوازن) الّتي تستمرُ بدورها حتى توصيل مصدر الطّاقة، كما ستعاودُ الإلكترونات طوافها عديم الفائدة فور غياب الطّاقة.
نذكرُ في النّهاية:
إنّ جميعَ الأشياء حولنا تحتوي على الإلكترونات، وهذه الإلكترونات تسلكُ بطبيعتها المسارَ ذي المقاومة الأقلّ.
- إعداد: المهندسة مريم القاسم
- تدقيق: المهندسة أسماء حمود
- تحرير: المهندس بشار الحجي