هناك العديد من التكنولوجيات المثيرة للإعجاب في قطاع الطيران، و يُجرى على تطوير الكثير منها في الوقت الحالي.
و توجد أيضاً بعض المزايا المبدعة ولكنها قديمة قليلاً، كآلية تزويد الطائرات بالوقود أئناء الطيران، فهل تسألت كيف تتم هذه العملية في الجو؟
كيف تتزود الطائرات بالوقود في الجو ؟
يُشار إلى التزود بالوقود في الجو أيضاً بإسم التموين بالوقود جواً، وهي عملية ضخ الوقود من طائرة يُطلق عليها بالناقلة، إلى طائرة أخرى و تسمى بالطائرة المستقبلة أثناء الطيران.
و لتفيذ هذه العملية، يتطلب القيام ببعض الإجراءات على أن تٌحلق كلى الطائرات المعنية بشكل متناسق.
و فيها يتم استخدام خرطوم إضافةً إلى شبكية أو مرساة ليتم ربط الطائرات معاً، حتى تُشكل ربطة اتصال الطائرات معاً بإحكام وعندئذٍ يتم إرسال إشارة من قبل الطيار للبدء في عملية الضخ.
أنواع نظم التزود بالوقود
هنا نوعان من أنظمة التزود بالوقود، وهم نظام probe-and-drogue و نظام flying boom. و بالإمكان أيضاً الجمع بين الاثنين.
و فيما يلي وصف للنوعين الرئيسيين:
نظام probe-and-drogue: وهو الوسيلة الأسهل للتكيّف مع الطائرات المحلقة في السماء.
في هذا النظام، يقوم المهندس المشرف بإخراج و فك خرطوم طويل من طرف جناح أو من أسفل جسم الطائرة ومن ثم يتم وضع الشبكية أو المرساة في نهاية ذلك الخرطوم
لتجعله يبدو وكأنه windsock (وهو عبارة عن قماش مجوف مخروطي الشكل يثبّت ليدل على إتّجاه الرّيح).
بمجرد وصول الخرطوم إلى أقصى امتداد، يتوجب على الطيار المتلقي إدراج مسبار قابل للسحب بداخل الشبكية أو المرساة.
بعد ذلك، يتم وضع المسبار على مقدمة الطائرة و حينها يجب على المهندس و الطيار المُتلقي مناورة الخرطوم بعناية حتى يتم القفل على التأمين بداخل الشبكية.
في حال تمت المناورة بحدة دون عناية، سيتتسبب قطع منطقة الربط و فقد السيطرة على الخرطوم و طيرانه بعيداً، لذلك يُنصح بالقيام بهذه العملية بعناية شديدة.
لهذا تبدأ الناقلة بالضخ فقط عند وجود قفل التأمين بين الشبكية أو المرساة و المسبار.
نظام flying boom: هذا النظام يتطلب وجود مُشغل مُختص يجلس خلف الخزان.
وظيفة هذا المُشغل هي تركيب انبوب رفيع يسمى flying boom بداخل وعاء يقع بالقرب من مقدمة الطائرة المستقبلة.
يتم لاحقاً إرسال إشارة إلى الناقلة لتبدأ في عملية ضخ وقود الطيران عندما يُقفل تأمين الإنبوب.
يقوم flying boom بضخ الوقود بنسبة أكبر مقارنةً بطريقة probe-and-drog و تُعد هذه الطريقة فعّالة للطائرات الكبيرة التي تحمل خزانات وقود أكبر.
إيجابيات و سلبيات أنظمة التزود بالوقود في الجو:
هناك العديد من المزايا تأتي من التزود بالوقود في جواَ.
و بما أن تعمل كل من أنظمة The flying boom و probe-and-drogue على مدى مجموعة من الارتفاعات وسرعات أثناء الطيران، و لكل طائرة مُستقبِلة مدى ارتفاع و سرعة معينة للتزود بالوقود أئناء الطيران.
بالتالي، يجب أن تكون سرعة الطائرة الناقلة متطابقة مع سرعة الطائرة المستقبلة، وذلك عن طريق التحكم بزيادة أو إبطاء سرعة الناقلة.
و لكن طيران الطائرة المستقبلة عند اقصى ارتفاع قد يؤدي إلى انخفاص مستوى الناقلة و اجبارها على الطيران على ارتفاع أقل.
لذا تُعد السرعة و الوزن أهم العوامل التي يمكن أن تؤثر على كل طائرة.
تأئير نتائج تغير كل من الارتفاع، الوزن والسرعة قد تتسبب في تباينات عديدة و خاصة عند محيط طيران الناقلة، لذا تُعد أنظمة التزود بالوقود للناقلة معقدة جداً
و يستوجب أن تُصمم الناقلات استناداً على الارتفاع، السرعة والوزن.
يتطلب نظام التزود بالوقود إجراء مجموعة من الاختبارات، كإختبار الطائرة بالإضافة إلى اختبار نفق الرياح (لدراسة تأثير حركة الهواء على الطائرة) و اخيراً المحاكاة والنمذجة الحاسوبية.
هناك فوائد عديدة للتزود بالوقود في الجو، نذكر منها ما يلي:
- يسمح التزود بالوقود جوياً للطيار بالاستمرار في الطيران لوقت أكثر دون الحاجة للهبوط.
- نظراً لكون الطائرات قادرة على الطفو في الجو، فإنه بإمكانها أن تتحمل أثقال الحمولة المتواجدة على متن الطائرة مهما كان وزنها، مما يجعلها قادرة على تحمل إضافات أخرى تشمل ركاب، أسلحة أو بضائع.
- بالإمكان إنقاذ الطيارين المحاصرين في المناطق الخطرة أو المتواجدين في المجال الجوي القتالي دون وقود كافي.
- التزود بالوقود جواً يوسع دائرة قتال الطيارين المتوجهين لمهام أكثر تعقيداً.
- يجب على محركات الطائرة أن تعمل بقدرة عالية بحيث تحمل أوزان الثقيلة كما هو الحال في السيارة أئناء صعودها للتلة. الطيران بأقل قدر من الوقود والتزود به في الجو عند الحاجة ييُعتبر محافظ للطاقة و أكثر كفاءةَ.، و تشير التقديرات على أن التزود بالوقود في الجو يوفر ما بين 35 و 45 في المائة من تكاليف الوقود في الأرض.
استخدامات أنظمة التزود بالوقود جواَ
رغم كون كلتا أنظمة التزود بالوقود فعّالة في نقل وقود الطائرات.
إلا أن نظام The flying boom يعتبر أسهل في التطبيق، حيث يتم نقل الوقود إلى الطائرة المستقبلة بواسطة خرطوم مباشرة تحت إشراف طيار مُختص.
تمتاز بعض الناقلات بقدرتها على نقل و حمل ما يقارب 29 ألف غالون من الوقود.
و يتمتع نظام The flying boom بقدرته على ضخ الوقود بشكل أسرع مقارنةَ بغيره، حيث قدرت سرعته بحوالي 900 غالون في الدقيقة الواحدة.
يعتبر هذا أمر مهم للغاية لأن بعض الطائرات التي تحمل خزانات وقود ضخمة يستوجب التخلص من وقودها بسرعة.
كذلك يمكن للناقلات التي تعمل بأنظمة probe-and-drogue تزويد طائرتين ربما ثلاث طائرات بالوقود في أنٍ واحد
و لكن تستخدم القوات الجوية نظام flying booms بحيث تسمح للطائرات المستقبلة بالطيران بتناسق مع الطائرة الناقلة.
تفضل القوات البحرية والجيش استخدام نظام probe-and-drogue لنقل الوقود على غيره، نظراَ لمرونة استخدام خرطومه مع الشبكية أو المرساة في نهاية الطائرة.
إضافةَ إلى ذلك، قدرت سرعة هذا النظام بضخ الوقود بحوالي 200 إلى 300 جالون في الدقيقة.
كما توجد بعض الطائرات باستطاعتها أن تحمل أكثر من شبكية أو المرساة واحدة في نهاية الطائرة، مما يجعلها قادرة على تزود طائرتين على الأقل بالوقود في أنِ واحد
لذلك يعمل هذا النظام بفعالية عالية في تزويد المروحيات والطائرات المقاتلة بالوقود.
بداية التاريخ:
تم استكشاف آلية التزود بالوقود في الجو من قبل المهندس Alexander de Seversky الذي عمل في وزارة الحرب الأمريكية، و تحصل عليها براءة اختراع و ابتكار.
استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية ميزة الترود بالوقود جواً كوسيلة تكتيكية للحصول على نتائج مرجُوّة و كان لديهم أكبر تجمّع من الطائرات الحربية.
و أصبحت هذه العملية تُمارس من قبل القوات الجوية في جميع انحاء العالم.
تكللت العديد من عمليات نقل الوقود في الجو بنجاح في السنوات الأولى منذ اكتشافها، و بعضها يشمل:
- أُجريت أول عملية تزويد بالوقود في الجو عام ،1921 بين طائرة Lincoln و طائرة Curtis Jenny.
- في عام 1923، حلقت طائرتين بتناسق وفقاً لآلية النقل و قامت إحداهما (الناقلة) بتقديم خرطوم مثبت على خزان محمول إلى خزان طائرة آخرى مستقبلة لتزويدها بالوقود.
- في يوليو من عام 1923، حدثت عملية نقل الوقود في الجو بين طائرتين حربيتين من طراز Airco.
- تم تسجيل رقم قياسي -في شهر أغسطس من عام 1923 للقدرة على التحمل بين طائرة مستقبلة و ناقلتين، حيث بقيت الطائرة المستقبلة محلقة في الجو لمدة 37 ساعة متواصلة باستخدام نظام nine mid-air لنقل الوقود في الجو، و ضخت حوالي 700 جالون من الوقود الجوي و ما يقارب 40 جالوناً من زيت المحرك.
- في شهر أكتوير من عام 1923 تم تقديم فوائد و استخدامات هذه التقنية بعرض جوي عندما حلقت طائرة مستقبلة من واشنطن إلى المكسيك مروراً بكندا، و توقفت للتزود بالوقود في الجو فوق ولايتي أوريغون و ساكرامنتو و من ثم هبطت في سان دييغو.
التزود بالوقود جوياَ من قبل طائرات أخرى:
الطائرات المدنية: هي طائرات تجارية خاصة لم تُصمم للتزود بالوقود في الجو.
الطائرات الرئاسية: يمكن لطائرات القوات الجوية ان تتزود بالوقود على متن الطائرة أثناء الطيران.
طائرات نظام Air boom و probe-and-drogue معاُ: هناك طائرة ناقلة جديد تابعة للقوات الجوية بالولايات المتحدة تعمل على نظامي Air boom و probe-and-drogue للتزود بالوقود في الجو.
حيث تستطيع هذه الطائرات بنقل الوقود بمعدل 1200 جالون في الدقيقة إلى الطائرة المستقبلة بنظام flying boom و نقل ما يعادل 400 جالون في الدقيقة من خلال نظام probe-and-drogue.
يمكن للناقلة أن تزود عدة طائرات بالوقود في أنٍ واحد، و تهدف أنظمة التحكم الأوتوماتيكية و وضع الطيار الآلي
بالإضافة إلى أنظمة الإضاءة المركزية و الكاميرات المتقدمة على تحسين عملية نقل و إعادة التزويد بالوقود في الجو، و تعمل على جعلها عملية روتينية في مجال القوات الجوية.
التزود بالوقود من قبل المروحيات: تُعد الطائرات المروحية من الممتلكات الضرورية للعديد من العمليات، و لكن قد تكون عملية نقل الوقود جوياُ من المروحيات معقدة بعض الشيء.
و خلال عمليات التزود بالوقود في الجو، يجب على الطائرة المستقبلة و المروحية أن تعملا عند مدى ارتفاعات و سرعات متقاربة
أي يجب على الناقلة (المروحية) أن تحلق بتسارع أو تباطؤ لتتناسب مع سرعة الطائرة المستقبلة.
و بما أن المروحيات ليس لديها أجنحة كالطائرات، فإنه من الصعب جداً أن تتم عملية نقل الوقود بالعكس أي من الناقلة إلى مروحية، حيث تكمن المشكلة في الأساس في اختلاف سرعات كل من الطائرة و المروحية.
لذلك يجب على الناقلة أن تحلق ببطء كافي لتتناسب مع سرعة المروحية، أو يجب على المروحية أن تحلق بسرعة كافية حتى تتناسب مع مستوى سرعة الناقلة.
إضافةَ إلى ذلك، يجب على خرطوم الوقود أن يكون طويلاً بما يكفي لربط الطائرتين معاَ، كما يجب أن يكون بعيداً عن شفرات المروحية لتجنب الحوادث.
بالرغم من ذلك، يوجد الكثير من المروحيات القادرة على التزود بالوقود في الجو، بعضها تشمل: مروحية HH-60G Pave Hawk، و مروحية Sikorsky CH-53E Super Stallion .
عملية النقل هذه ممكنة بين مروحية من قوات الجوية الفرنسية و طائرة ناقلة MC-130 من القوات الجوية الأمريكية.
حيث يمكن ان تصل سرعة المروحية الفرنسية Eurocopter EC 725 Caracal (و تُعرف الآن بإسم Airbus Helicopters H225M) حتى 175 ميلاً في الساعة، بينما للناقلة الجوية من القوات الأمريكية MC-130 (و تُسمى الآن Lockheed Martin C-130J Super Hercules) سرعة رفع تبلغ 115 ميلاً في الساعة
مما ينتج عن ذلك تداخلات كثيرة عند السرعات القصوى.
ليس فقط للطائرة MC-130 القدرة على تزويد المروحية بالوقود، بل تمتاز أيضاُ بحتوائها على رادار يتجنب تضاريس الأرض
بالإضافة إلى قدرتها على العمل تحت الظروف الجوية الغير ملائمة عند ارتفاع يصل حتى 250 قدماً.
- إعداد: المهندسة ملاك بعيو
- تدقيق: المهندسة أسماء حمود
- تحرير: المهندس بشار الحجي