Open Hours of Mon - fri: 8am - 6pm, UAE
تشيرنوبل

الهندسة الزراعية تعيد الحياة لمنطة تشيرنوبيل !

على الرغم من أنه غير آمن للبشرية  إلا أن موقع أسوأ كارثة نووية في العالم هو موطن لمجموعة متنوعة ورائعة من النباتات والحيوانات.

في 25 أبريل 1986 ، حدث خطأ فادح في اختبار تجريبي للسلامة في محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية في بريبيات ، شمال أوكرانيا

ونظراً لبعض العيوب في التصميم  والأنظمة السيئة  في التنفيذ أُغلقت توربينات المياه المستخدمة في تبريد اليورانيوم  وارتفعت درجة حرارة اليورانيوم حتى الاشتعال مما أدى لانفجار بخاري هائل دفع كتلًا من المواد المشعة إلى الغلاف الجوي .

سقطت هذه المواد المشعة لاحقًا على الأرض فوق أجزاء من غرب الاتحاد السوفياتي وأوروبا وتم تدمير المنطقة المحيطة بالانفجار مباشرة وتطويقها بمسافة قطرها  30 كم وعرفت هذه المنطقة لاحقاً باسم المنطقة المحظورة تشيرنوبيل أو CEZ.

تمتد هذه المنطقة على بعد حوالي 104 كم (65 ميل) شمال مدينة كييف وهي منطقة مهجورة باستثناء بعض السكان الذين رفضوا المغادرة عندما تمت عمليات الإخلاء القسري.

حتى اليوم ، فإن مستويات الإشعاع في المنطقة مرتفعة جداً لدرجة أن العمال المسؤولين عن صيانة الغلاف الخرساني والفولاذي للمبني فوق المفاعل المدمر يُسمح لهم بالعمل لمدة خمس ساعات في اليوم لمدة شهر واحد فقط مقابل أخذ 15 يومًا من الراحة لتجنب التسمم الإشعاعي.

ويقدّر المسؤولين في أوكرانيا أن المنطقة لم تعد آمنة للحياة البشرية مرة أخرى لمدة 20 ألف عام ، بالرغم من أن عام 2016 ، عاد 187  مواطناً أوكرانيًا للعيش بشكل دائم في المنطقة.

رغم مستويات الإشعاع المرتفعة جداً إلا أن المنطقة مغطاة بالكامل تقريباً بالغابات التي تعد موطناً لمجموعة واسعة من النباتات والحيوانات.

إضافةً لغياب التدخل البشري في المنطقة الذي جعلها مكاناً آمناً لهذه الكائنات.

انتشرت الذئاب الرمادية في المنطقة المحظورة بعيداً عن البشر والحيوانات المفترسة الأخرى  ويقدر العلماء أن أعدادها أعلى بتسع مرات داخل هذه المنطقة مقارنة بأجزاء أخرى من أوكرانيا.

منطقة تشيرنوبيل تعيد هندسة نفسها ذاتياً

الذئب الوحيد

تتبع العلماء حديثاً ذئباً رمادياً وحيداً على بعد 369 كيلومتراً (229 ميلاً) من جحره في CEZ.

أثار اكتشاف الذئب تساؤلات عديدة حول مخاطر انتقال الطفرات الجينية الموجودة في الحيوانات المتأثرة بالإشعاعات

وبينما يعيش العديد من الذئاب داخل المنطقة المحظورة إلا أنه  لم يتم تسجيل خروج أي منها من هذا المكان من قبل.

ليس واضحاً بعد إذا ما كان الذئب الرمادي لديه أي طفرات جينية ناتجة عن حياته في البيئة المشعة . وإذا كانت هناك طفرات ، فكيف سيؤثر ذلك على العدد الأكبر منه ؟ .

كلاب تشيرنوبيل

عندما تم إخلاء منطقة الحظر تم ترك العديد من الكلاب الأليفة هناك، وبشكل طبيعي ازدادت أعدادها ويوجد الآن حوالي 900 كلب ضال يعيش في المنطقة.

يستخدم الأطباء البيطريون وخبراء الإشعاع حالياً الكلاب كمؤشر لتحديد مستويات الإشعاع، يتم اصطياد الكلاب الضالة ويتم تزويدها بأطواق كاشفة ثم تُستخدم هذه البيانات لرسم خريطة للمنطقة.

فن الحشرات

تعمل الرسامة العلمية السويسرية Cornelia Hesse-Honegger  منذ أواخر الستينيات ، على إنشاء رسوم  توضيحية  بالألوان المائية للحشرات والبق . و في الأشهر التي أعقبت حادثة تشيرنوبيل  اهتمت هيس-هونيجر برسم  حشرات مشوهة نتيجة تعرضها للإشعاع.

بحثت عن “الحشرات الحقيقية” – الحشرات الماصّة – في مناطق من السويد وسويسرا والتي كانت تحت سحابة تشيرنوبيل سابقاً ، ثم قامت بتوضيحها بألوان زاهية.

عند النظر بدقة تلاحظ التشوهات الطفيفة للحشرة , تتردد هيس-هونيجر في تأكيد ما إذا كانت هذه التشوهات ناجمة عن النشاط الإشعاعي أم هي طفرات طبيعية.

النباتات القوية

حللّ العلماء النباتات في منطقة الحظر ، وقالوا انها  قد يكون لديها قدرات فطرية للتكيف مع إجهاد النشاط الإشعاعي الذي نشأ منذ ملايين السنين.

تضمن البحث زراعة محاصيل مثل فول الصويا وبذور الكتان في أرض ملوثة قريبة من موقع الانفجار.

كما تمت زراعة محصول آخر في تربة نظيفة كشاهد للمقارنة و انتظر فريق البحث حتى تنمو النباتات وتنتج البذور ثم تمت مقارنة البروتينات الموجودة داخل المحصولين.

وقال مارتن هايد وتش من الأكاديمية السلوفاكية للعلوم لبي بي سي نيوز أن البروتينات هي المحفزة للأنشطة الأيضية

وبينما نقارن البروتينات من البذور التي يتم حصادها من هذين الحقلين ، نرى نفس البروتينات في كلا النوعين.

ختاماً

يقول الباحثون إن قدرة النباتات على التكيف مع البيئة الملوثة كانت مذهلة وربما بسبب الذاكرة الجينية الطويلة , لا بدّ أن يكون هناك آليات تمتلكها النباتات بالفعل بداخلها لتحمّل الإجهاد الإشعاعي

لأن النشاط الإشعاعي  كان موجوداً دائماً على الأرض ، منذ بداية تكوين الكوكب  وقد كان في ذلك الوقت أكثر بكثير مما هو موجود الآن

لذلك ربما عندما كانت الحياة تتطور على الأرض ، صادفت هذه النباتات نشاطاً إشعاعياً قديماً وطورت بعض الآليات الموجودة بها الآن “.

  • إعداد: المهندسة ساره سلوم
  • تحرير: المهندس بشار الحجي