خشب البلسا (بلزا) هو الخيارُ الأمثلُ لتحقيقِ التّوازنِ بين النّعومةِ والمتانةِ، فهو جيدٌ لتصنيعِ أيّ شيء من نماذجِ الطّائراتِ إلى شفراتِ توربيناتِ الرّياح ذات الحجمِ الكبير.
فتحَ العلماءُ في الولاياتِ المتحّدةِ الأمريكيّة والصّين عالمًا جديدًا من الاحتمالاتِ لخشبِ “البلسا”
وذلِكَ بالاستعانِة بهيكلهِ الطّبيعيّ باستخدامِ العلاجاتِ الكيميائيّةِ والفيزيائيّةِ وتحويلهِ إلى إسفنجةٍ من الكربونِ الخشبيّ.
كيف توصل المهندسون إلى هذه النتائج بواسطة خشب البلسا ؟
صرّحَ Hu Liangbing وهو مهندسٌ في علمِ النّانوتكنولوجيّ :
أظهرتْ نتائجُنا أنَّ خشبَ البلسا الصّلب وغير القابل للانضغاطِ يمكنُنا جعلهُ قابلًا للانضغاطِ بدرجةٍ كبيرةٍ عن طريقِ المعالجةِ الكيميائيّةِ و عمليةِ الكربنةِ، فيتحولُ عندها إلى إسفنجةٍ من الكربونِ الخشبّي“
والذي يمتازُ بـ مقاومةٌ للكلال وحساسةٌ للاستجابةِ الكهربائيّةِ ويتحمّلُ الضّغوطَ المتكررةَ ومختلفَ الظّروفِ الميكانيكيّةِ القاسيةِ، متجاوزةٌ بذلكَ معظم الموادِ الكربونيّةِ القابلةِ للانضغاطِ”.
وأضافَ: “نظرًا لأن الإسفنجَ الخشبيّ الكربونيّ صُنّعَ بالكاملِ من الخشبِ الطّبيعيّ بطريقةٍ بسيطةٍ وفعّالةٍ من حيث التّكلفةِ
فإنَّ مصدرَ المادةِ متجدّدٌ ومستدامٌ بشكلٍ استثنائيّ، على عكس تلك الخيارات الشائعة كلأنابيب النانوية الكربونية أو الجرافين”.
كيف تم تحويل الخشب إلى مادة كربونية صلبة؟
تمكّنَ الباحثون من تحقيقِ بنيةٍ مرنةٍ وقابلةٍ للانحناءِ للإسفنجةِ، وذلك باستخدامِ موادٍ كيميائيّةٍ من أجلِ تدميرِ ألياف الهيميسليلوز واللجنين الّتي تحافظُ على بنيةِ الجدارِ الطّبيعيّ لخشب البلسا
وبعدها سُخنَ الخشبُ المعالجُ إلى 1000 درجة مئويّة من أجلِ تحويلِ الموادِ العضويّة فيه إلى الكربونِ وحده.
وهنا نذكرُ: أنَّ الخشبَ الكربونيّ الطّبيعيّ الّذي يُحصلُ عليه من التّسخين دون أيةِ تعديلاتٍ كيميائيّةٍ هو خشبٌ هشٌ للغايةِ
لدرجةٍ أن أيّ قوة تطبقُ عليه يمكنُها أن تسحقَهُ وتشوههُ وتحولهُ إلى غبارٍ ورماد.
أما الإسفنجةُ الخشبيّةُ الكربونيّةُ فلقد صمدتْ تحتَ الحملِ الانضغاطيّ لما يقاربُ 10000 تجربة متتالية قبلَ أن تتشوهَ
وهذا ما أثارَ دهشةَ فريقِ البحث الّذي يترأسهُ Teng Li (وهو مهندسٌ ميكانيكيّ في جامعةِ ميريلاند) و Jia Xie (وهو مهندسٌ كهربائيّ في جامعةِ هواتشونغ للعلومِ والتّكنولوجيا في الصّين).
وبعدَ إجراءِ المزيدِ من الاختباراتِ الميكانيكيّةِ و الكهربائيّةِ على الخشبِ الإسفنجيّ
تمكّن الباحثون من دمجِ شريحةٍ منه في نموذجٍ أوليّ لحساسِ إجهادٍ مناسبٍ للربطِ مع الإصبعِ البشريّ بشكلٍ مريح.
وتعدُ هذه الحساساتُ مرغوبة للاستخدامِ في الإلكترونياتِ القابلةِ للارتداءِ من أجلِ المراقبةِ الصّحيةِ واللّياقةِ البدنية.
كما ويعتقدُ الباحثون أنَّ الإسفنجَ الكربونيّ الخشبيّ (خشبُ البلسا) يمكنُ دمجهُ في أجهزةِ تنقيةِ المياهِ، وتقنياتِ تخزينِ وحفظِ الطّاقةِ مثل المكثفاتِ الفائقةِ والبطارياتِ القابلةِ لإعادةِ الشّحنِ.
في النهاية: “هذه التّطبيقاتُ المتوفرةُ للخشبِ توضحُ أهميةَ اكتشافِ الإمكانياتِ الخفيةِ للموادِ الطّبيعيّةِ كالأشجارِ، من خلالِ أخذ الإلهام من المصادرِ الطّبيعيّةِ الأخرى”.
مصدر المقال : انقر هنا
- إعداد : المهندسة ملاك بعيو
- تدقيق : المهندسة أسماء حمود
- تحرير : المهندس بشار الحجي