هل تساءلت يوماً لماذا العنفات الريحية تحتوس على ثلاث شفرات فقط وليس أكثر أو أقل؟
هناك سبب علمي وراء الرقم ثلاثة السحري!
استخدم البشر طاقة الرياح لعدة قرون ابتداءً من المراكب الشراعية إلى الطواحين الهوائية فأمست طاقة الرياح مصدراً مهماً للطاقة عبر التاريخ البشري.
وفي السنوات الأخيرة حصلت طاقة الرياح على قاعدة شعبية كبيرة كونها أكثر المصادر المستدامة كفاءةً والبديلة عن الوقود الأحفوري.
في بدايتها توضَّعت العنفات الريحية على خطوط السواحل وعلى قمم الجبال ، وفي الوقت الحالي قد تكون أنت شخصياً لاحظت تصميمها الاستثنائي في مناطق مختلفة التضاريس.
إذن لماذا العنفات الريحية لها ثلاث شفرات ولا تحتوي على شفرات أكثر أو أقل
الجواب يعتمد على هندسة العنفات الريحية وإمكانية الحصول على أعظم طاقة من الرياح بهدف إنتاج أعظم قدرة كهربائية ممكنة و بكفاءة وهناك عدة أمور يجب أن تؤخذ في الحسبان.
كيف تعمل العنفات الريحية؟
إن الحصول على الكهرباء عن طريق طاقة الرياح أقدم مما يعتقد البعض ، فأن أول عنفة ريحية ركِّبت عام 1888
تم اختراعها من قبل كارلوس فبروش و كانت مكوَّنة من 144 شفرة من الخشب ذات شكل ملفت للنظر و كانت تولِّد ما يقارب 12 كيلو واط من الاستطاعة.
وفي أواسط عام 1930 تقريباً بدأت العديد من المساكن الريفية في الولايات المتحدة الأمريكية بالاعتماد على طاقة الرياح كمصدر لتوليد الكهرباء
وكان ذلك بواسطة عنفات سهل الوصول إليها نسبياً و ذات تكلفة منخفضة ومن الممكن من خلالها تغذية أماكن أخرى بالطاقة لم تكن متصلة بخطوط التغذية الرئيسية.
بعد توسع و انتشار خطوط نقل الطاقة الكهربائية في الولايات المتحدة تراجع الاهتمام بالعنفات الريحية وأصبحت طاقة الرياح من الماضي ومنذ عدة عقود فقط عاد الاهتمام بالرياح كمصدر بديل رخيص مقارنة ببقية أشكال الطاقة.
إن مبادئ إنتاج الطاقة من الرياح عملية بسيطة نسبياً ولا تزال على نفس المبدأ من القرن التاسع عشر
حيث أن الرياح ببساطة هي هواء يتحرك وحيثما توجد حركة توجد طاقة حركية والعنفات الريحية صمِّمت لتواجه وتعيق حركة الهواء التي تحمل طاقة حركية و تبطُّئها و تحوِّلُها إلى طاقة كهربائية
وهذه الإعاقة تتمثل بالشفرات المصممَّة خصيصاً للحصول على أعلى قدر من الطاقة.
إن طريقة تصميم وكيفية استخدام شفرات العنفة قائمة على علوم دقيقة تعتمد على عدد من العوامل أهمها ديناميك الهواء و مقاومته.
عوامل تصميم شفرات العنفة:
- السرعة.
- ديناميك الهواء.
- سرعة الصوت.
هناك عدة عوامل تلعب دوراً هاماً عند تصميم العنفات ولعل أبرزها ديناميك الهواء
حيث أن ديناميك الهواء هو علم يحكي عن خصائص الجسم الصلب و الهواء المتحرك حوله و تأثيره على الجسم ، وبأخذها بعين الاعتبار نصمِّم العنفة والشفرات بشكل قريب لتصميم أجحنة الطائرة.
فالجانب الخلفي من الشفرة يكون أكثر انحناءً من الجانب الأمامي بنفس طريقة تصميم جناح الطائرة فالانحناء فيها يكون إلى الأعلى في النهاية
وهذا الاختلاف بالشكل يسبب اختلاف بالضغط على جانبي الشفرة عندما يتحرك الهواء عبر الشفرة وهذا ما يجعل الشفرة تتحرك.
بسبب دفع الهواء للشفرة إذ تكون سرعة الهواء خلف الشفرة أكبر من مقدمتها مما يجعل الجزء الدوّار من العنفة يبدأ بالدوران لتبدأ عملية توليد الكهرباء
لكن هذا ليس كافياً للشفرات كي تدور فعلى المهندسين أن يضعوا بعين الاعتبار أيضاً السرعة و إعاقة الهواء أثناء التصميم لضمان أعلى مستوى من الكفاءة.
قوة الدفع في العنفات الريحية
إذا تشكلت قوة دفع كبيرة من الشفرات فإن كمية قليلة من الطاقة سوف تُنتج و الشفرات ستتحرك بسرعة كبيرة مما قد يسبب اختراق حاجز الصوت واحدة من أبرز إيجابيات العنفات الريحية هي كيفية.
الاختيار الأمثل لعدد الشفرات في العنفات الريحية
إن معظم العنفات الريحية تعمل بثلاث شفرات وهذا هو العدد القياسي لها ، لكن قرار اختيار العنفات الريحية بثلاث شفرات أمر يحتاج إلى المرونة في الاختيار بسبب تقليلها لإعاقة حركة الهواء
على سبيل المثال من الممكن بشفرة واحدة يتحقق رقم مثالي عندما نأتي لاستخلاص أكبر قدر من الطاقة
لكن بشفرة واحدة تكون العنفة غير متوازنة وهذا ليس خياراً عملياً لاستقرار التوربين.
وبنفس الطريقة فإن شفرتين تولد طاقة أكبر من ثلاث شفرات و لكن أيضاً لها مشكلاتها ومعوقاتها الخاصة
فالعنفات ذات الشفرتين هي أكثر عرضة لظاهرة تدعى بالاستباق الجيروسكوبي
والتي تنتج ذبذبة بشكل غير طبيعي وهذه الذبذبة قد تسبب مشكلة باستقرار العنفة ككل و تسبب ضغط على مكونات العنفة مما يجعلها تنخفض كفاءتها بشكل طردي مع مرور الزمن.
وأي عدد أكبر من ثلاث شفرات يسبب ممانعة كبيرة جداً لحركة الرياح مما يخفض إنتاج الكهرباء ولذلك فهي أقل كفاءة من العنفات ذات الثلاثية الشفرات
لهذه الأسباب صمِّمت العنفات الريحية بثلاثة شفرات وهو الحل المثالي الأكثر مرونة ما بين الطاقة العالية المستخلصة وأعظم استقرار و متانة مناسبة للعنفة.
مستقبل العنفات الريحية:
هل ستكون العنفات مستقبلاً بدون شفرات؟ وهل هذا حل أفضل من الشفرات الثلاث؟
رغم أن اختيار العنفات بثلاث شفرات كان الشكل القياسي لإنتاج الطاقة النظيفة خلال السنوات الأخيرة لكن هذا لا يعني أنها ستبقى هكذا دائماً فالمهندسون يعملون دائماً على الأفضل
وهناك العديد من العروض التصميمية ذات الكفاءة من أجل طاقة المستقبل وأحد أشهر العروض المقترحة هو توربين بدون شفرات.
رغم أنها قد تكون كعداد للمقاومةً من أجل تحويل طاقة الرياح إلى كهرباء
وهي فعلاً إحدى الفوائد من اختراع توربين بدون شفرات مع وجود فائدة أخرى و هي انخفاض التكلفة و متطلبات الصيانة.
فالتوربينات الحالية وضعت كأفضل التوربينات بطريقة تشغيلها على رأس سلسلة تحتوي على عدة أنواع
وبإمكان العنفات الحالية الدوران أكثر من عشرين دورة في الدقيقة و تصل سرعتها إلى 180 ميل في الساعة
أي ما يعادل 289 كيلومتر في الساعة مما يسبب قوة دوران كبيرة.
ومن السهل أن نفهم لما تتعرض الشفرات للتهالك و انخفاض في الجودة عبر الزمن حيث قامت شركة Vortex بتصميم نموذج من العنفات بدون شفرات
حيث تستخدم اتجاه الحركة لإنتاج طاقة ريحية و هذا التصميم يكلف أقل من50 % تقريباً مما تحتاجه العنفات التقليدي
وهي لا تتهالك كثيراً مع مرور الزمن وكون العنفات ثلاثية الشفرات سُجِّلت كأفضل تصميم مناسب من العنفات تبعاً للكفاءة
هذا لا يعني أنها ستبقى الافضل دوماً و إلى أن تصبح العنفات بلا شفرات نموذجية و معيارية سنبقى نستغل كفاءة الثلاث شفرات
فالامتنان والفضل لها بإنتاجية معظم الطاقة الريحية الحالية لدينا.
المصدر : انقر هنا
- إعداد : المهندسة ديالا الاحمدية
- تدقيق : المهندس شفيق السالم
- تحرير : المهندس بشار الحجي