دَعونا نرى ماذا يقـول العلم عن ” متلازمة توربينات الرياح ” حيث سنتطرق في هذا المقال الى دراسة ميدانية قام بها مجموعة من الباحثون الخبراء
في مجال الصوتيات و علم وظائف الاعضاء من أجل معرفة هل توربينات الرياح لها تأثير ضار على صحة الانسان ام ليس لها أي تأثير .
عندما بدأت الطاقة المتجددة بالظهور والتزايد في السنوات الاخيرة ، افترضت طبيبة الاطفال في مدينة نيو انجلاند “
أن بعض الظروف الصحية المعاكسة التي تضر بصحة الانسان يمكن أن تُعزى الى التأثيرات الصوتية لـتوربينات الرياح القريبة ” .
حيثُ قامـت بِعمل مقابلة مع مجموعة مـن الاشخاص المختارين وعملت اختبارات وفحوصات لهم
واستخلاصت استنتاجات واخترعت مُـصطلح ” متلازمـة توربينات الرياح ” وكتبت كتاباً عنها.
على الرغـم من أن بحثها لم تَتِـم مراجعتهُ من قبل الزملاء ولم يتم قبوله للنشر في أي مجلـة علمية طيبة السُمعة
الا أن كلمة متلازمة توربينات الرياح اشتعلت بشكل واسع وكتابها ألـهم الباحثيـن وجذبهم الى القاء نظرة الى صوت توربينات الرياح ومدى تأثيره على فسيولوجيا الانسان .
مَا هو الصوت ووحدة قياسه:
يُعرف الصـوت على أنه اهتزاز ينشأ ويٌحمل على الأوساط المـادية (مثل الهواء) لينتقل خلالها
وإذا وصل الصوت لمستقبل مثل أذن الإنسان فإنه يُمكن إدراكه عن طريق حاسة السمع .
يمكن قياس مستويات الصوت بالديـسيبل (dB) ، وهو مقياس لوغاريتمي يشير الى شدة الصوت
ونظراً لأن الاذن البـشرية لا تتمتع باستجابة ترددية مسطحة فقد طَور العلماء وحدة طبيعية يُطلق عليها الديسيبل الموزونة (dBA-Weighted)
التي تأخذ في الاعتبار كلاً من شدة الصـوت واستجابة الاذن البشرية له بصورة ادق من الوحدة التقليدية.
وقامت ادارة السلامة والصحة المهنية (OSHA) باعتماد هذه الوحـدة لقياس شدة الاصوات المختلفة.
توربينات الصوت
حسناً لنعد الى موضوعنا الاصلي توربينات الصوت ، من أجل تطوير نماذج أفضل لضوضاء توربينات الصوت
في اطار دراستها وجمع المعلومات عنها حتى نتبين بطريقة علمية بأن متلازمة توربينات الصوت لها تأثيرات عكسية على صحة الانسان ام ليس لها أي تأثير
قام الباحثون بقياس شِدة الصوت في نقاط مختلفة بالقرب من تروبين بقوة (5 ميغاوات) في احدى مزارع الرياح
ووجدوا أن شدة قياس الصوت للتوربين تتراوح من 40 الى 50 ديسيبل ( انظر الى الشكل اعلاه )
وهو مماثل لشدة الصوت في المناطق الحضرية بمعنى أن الصوت الذي نتج خفيف اشبه بالهـمس !
الصوت وتأثيره على جسم الانسان
فـي عام 2009 ، قامت جمعية طاقـة الرياح الامريكية و الكـندية بِجمع فريق دولي من الخُبراء في مجالات الصوتيات وعلم وظائـف الاعضاء لديهم سجلات بحثية
من أجل دراسة تأثيرات صوت التوربينات على جسم الانسان ، خَلصت الـدراسة الى أن توربينات الرياح تنتج موجات صـوتية منخفضة التردد (ترددات اقل من 20 هرتز )
بحيث انه لا توجد آلية معروفة او طريقة تُبين بان هذه الموجات الصوتية يمكنها أن تؤثر بشكل عكسي على فسيولوجيا الانسان.
لذلك أقر الباحـثون بأن عدد قلـيل من الناس وجدوا أن صوت التوربينات الخافت والغير منتظم الى حد ما مزعج قليلاً ويسبب التوتر في بعض الاحيان
وخَلصت الدراسات الى أن ما يسمى بـ ” متلازمـة توربينات الرياح ” مرتبطة على الارجح بمستويات الانزعاج وليس بحالة الانسان الفسيولوجية
وفقاً للتقارير فان الدلـيل على الاصابة بمرض الصوت الاهتزازي (التهاب الأنسجة والتليف المرتبط بالتعرض للصوت ) مشكوك فيه للغاية
وليس له ارتباط بموجات الصوت الناتجة من توربينات الرياح مطلقاً .
مـن باب الانصاف ، يجب أن نوضح أن الدراسة المذكورة اعلاه تمت برعاية وكالتين تدافعان عن طاقة الرياح و توربينات الرياح
لذلك من المعقول التشكيك في النتائج على الاقل ، لكن الباحثين ليس لهم صلة بتلك الكيانات وهم خبراء راسخون في مجلات تخصصهم
ويستشهد تقريرهم على أكثر من 100 دراسة علمية ، تم نشر العديد منها في مجلات علمية محكمة طيبة السمعة .
نشرت مجلة Acoustics وهي مجلة مفتوحة الوصول لا تنتمي الى مجال صناعة الرياح و توربينات الرياح
عدداً خاص عـن توربينات الريـاح وذكرت فيه أن الباحثين لا حظو ثورة معرفية حول انبـعاث ، وانتشار
واختبار الضوضاء الناتجة عـن التوربينات والتحكم فيها والكثير من المعلومات التي تخص توربينات الرياح
لكنهم اتفقوا على أن البحث في هذا المجالات يجب أن يستمر لمعرفة المزيد من الخصائص والمعلومات عنها لتطويرها
واقترح التقرير تطوير حواسيب ذات مواصفات كبيرة لعمل محاكاة لمزارع الرياح ، من أجل مواكبة تكنولوجيا التوربينات ومعالجتها ، وظروف الارصاد الجوية
وتفاعل التوربينات في مجال الزراعة ، بحيث يمكن أن تؤدي هذه المحاكاة الى حسابات أفضل
وايضاً ذكر في التقرير انه في اسواء الاحوال قد تكون ضوضاء توربينات الرياح مزعجة لبعض الافراد ولكنها لا تسبب آثاراً فسيولوجية ضارة على الانسان .
مـن الأشخاص الذين يجدون صوت توربينات الرياح مزعجاً ؟
توصلت دراسة أجريت في أستراليا إلى وجود علاقة بين الاشخاص الذين يميلون نحو طاقة الرياح واحتمال ملاحظتهم لأعراضها السلبية وعزوها إلى مزارع الرياح القريبة منهم
ولاحظ الباحثون أن معظم وليس كل الأفراد الذين اشتكوا من ضوضاء مزارع الرياح هم أولئك الذين عارضوا طاقة الرياح ربما لأسباب سياسية في الواقع
لكن يوجد بالمثل هؤلاء الذين اعتبروا التكنولوجيا حميدة تمامًا يميلون إلى اتجاهات سياسية مؤيدة للرياح .
الخلاصــة :
كما ترون ، لا يوجد أي بيانات تثبت أو تربـط ضوضاء توربينات الرياح بأي مشاكل صحية فسيولوجية ضاره لدى البـشر
مـن المحتمل أن الازعاج قد يكون بسبب ظروف نفسية أو خيالية يمكن أن تؤدي الى قدر معين من الضيق النفسي لدى بعض الافراد بالتالي قد يسبب بعض التوتر لـهم .
في عـصر يدعي فيه بعض الناس أن توربينات الرياح تسبب السرطان فهذه مبالغة كبيرة
مـن المهم أن يفهم الناس الفـرق بين العـلم التطبيقي وبيـن المشاعر الغريزية
الأول يعـتـمد على الأدلة المادية ويخضع لتقيم صارم ، والاخر هـو ما يريده احدهـم الكل يريد مستقبلاً مستداماً لذلك يستخدم المهندسون العلم لتحقيق ذلك.
مصدر المقال : اضغط هنا
- إعداد : المهندس عبد الرحمن الحمادي
- تحرير : المهندس بشار الحجي